الأساس بمقدار ثلاث أصابع نقصوا منه عرض الجدار عن عرض الأساس الأول وهو القدر المسمى بالشاذروان فقد رده الإمام العلامة الخطيب ابن رشيق بضم الراء وفتح الشين المعجمة كما نقله عنه الدمامينى بأنه لم يأت به حديث صحيح ولا ورد من قول صاحب يصح سنده ولعل ذلك من كلام المؤرخين ، ولو صح هذا لاشتهر ونقل. وقد هدم عبد الله بن الزبير الكعبة هل بلغ بها الأرض وأتمها على قواعد إبراهيم عليه الصلاة والسلام؟ وكون الحجاج لم يهدم مما بناه ابن الزبير إلا ناحية الحجر لكونه أدخله فى البيت أمر معلوم مقطوع به مجمع عليه منقول بالسنة الصحيحة فى الكتب المعتمدة لا يشك فيه أحد ، فإذا أثبت هذا فكيف يقال إن هذا القدر الظاهر الآن مما نقصته قريش عن عرض الجدار؟ وهل بقى لبناء قريش أثر؟ فالسهو والغلط فيما نقله ابن الصلاح مقطوع به والعصمة للأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، والمنقول أن ابن الزبير لما هدم الكعبة وألصقها كلها بالأرض من جوانبها جميعا وظهرت أسسها وأشهد الناس عليها قال لهم ابن الزبير : «اشهدوا» ، ثم وضع البناء على الأساس وهذا الاسم الحادث أعنى الشاذروان اسم حادث على شئ صنع ليصان به الجدار خيفة إجحاف السيول ، وقد نص ابن تيمية على إنه ليس من البيت بل جعل عمادا للبيت ، ومما يؤيد ذلك أن داخل الحجر تحت حائط الكعبة شاذروان فيكون هذا الشاذروان ، نظيرا للشاذروان الذى هو خارج البيت ولم يقل أحد إن هذا له حكم الشاذروان ، فكون هذا الشاذروان مراعا فى الطواف لا دليل عليه ، ولو صح ما قاله الشافعية فى الشاذروان لنبه النبى صلىاللهعليهوسلم الصحابة على ذلك لكونه مما تمس الحاجة إليه بقول أو فعل ولنقل ذلك مع توافر الدواعى على النقل ، ومثل هذا لا يثبت إلا بالإجماع الصحيح المتواتر النقل ، وكيف يمكن أن يغيب ذلك عن الصحابة والتابعين ومن بعدهم من أهل العلم فلا يتنبه أحد له مع تكرر الحج فى كل عام؟ إن هذا لمن الأمر البعيد الذى لا تسكن إليه نفس عاقل ، والمنصف لا يحتاج إلى مزيد البيان ، فقد انعقد الإجماع على أن البيت متمم على قواعد الخليل صلىاللهعليهوسلم من جهة الركنين اليمانيين ولذلك استلمهما النبى صلىاللهعليهوسلم دون الآخرين ؛ وأن ابن الزبير لما نقضه وبناه إنما زاد فيه من جهة الحجر وأقامه على الأسس الظاهرة التى عاينها العدول من الصحابة وكبراء التابعين ؛ ولذلك وقع الاتفاق على أن الحجاج لما نقض البيت بأمر عبد الملك لم ينقض إلا جهة الحجر