خاصة وأقام قوسا داخل الكعبة إلى ما كان عليه من الارتفاع ، وأغلق الباب الغربى وهو باق مسدود ، وترك الحجاج ما زاده ابن الزبير من ارتفاع البيت على حاله ، وليس للشاذروان فى هذا العمل كله ذكر ، ويدل على ذلك أن ابن الصباغ (١) الشافعى احتج على أبى حنيفة حيث قال فى الركن اليمانى : لا يستلم لأنه لا يقبل ولا يستلم الركنين الآخرين ، فقال ابن الصباغ : أما قياسه على الركنين الآخرين فى الجواب أن الركن اليمانى على قواعد إبراهيم عليه الصلاة والسلام بخلاف الركن الآخر فإنه لم يبن على قواعد إبراهيم ، فافترقا. فانظر كيف أمر ابن الصباغ فى التفرقة بين اليمانيين وغيرهما أن اليمانيين على قواعد إبراهيم فلو كان الشاذروان من البيت لكان الركن الذى فيه الحجر الأسود داخلا فى البيت ولم يكن مبنيا على قواعد إبراهيم صلىاللهعليهوسلم ، وذكر أن الركن الذى فيه الحجر الأسود اختص بشيئين الاستلام والتقبيل للفضيلتين وأما اليمانى فيستلم ولا يقبل ؛ لأن فيه فضيلة واحدة وهو كونه على قواعد إبراهيم صلىاللهعليهوسلم وأما الركنان الآخران فلا يقبلان ولا يستلمان. وهذا النووى مصرح بأن اليمانيين متممان على قواعد إبراهيم صلىاللهعليهوسلم فمن أين نشأ الشاذروان؟ فما الحق فى هذه المسئلة على كلام الإمام الشافعى مع لزوم ذلك؟ وهل كان بناء الخليل صلىاللهعليهوسلم بمونه لجميعه أو لبعضه أولا؟ وهل كان بناء قريش كله بالحجر أو بعضه بالخشب الساج والبعض بالحجر؟ وهل يجب إعادة ما صلح من أحجاره وأخشابه؟ وما لم يصلح منه ما حكمه؟ وهل إذا احتاج البناء إلى حجر جديد أو خشب يكفى فيه أى حجر وأى خشب أو يتعين أن يكون فى الجبال الخمسة التي بنى منها الخليل صلىاللهعليهوسلم أو مما بنت منه قريش وابن الزبير رضى الله عنهما؟ وهل تنصبا عمدة وينصب عليها الستور حال البناء ليتمكن من الطواف بها والصلاة إليها وقت البناء وتكون العملة من داخل الستر أو من خارجه؟ وهل ينبغى قلة الكلام من العملة ومشيهم فى البيت ويجب احترامهم له؟ ومن المخاطب ببنائه وإصلاح (٢) ما وهى منه؟ هل هو الإمام الأعظم ومن أنابه عنه فى ذلك
__________________
(١) انظر كتاب تحصيل المرام بأخبار البيت الحرام ـ مخطوط ـ مكتبة الحرم لوحة رقم ٤.
(٢) للشيخ ابن حجر الهيثمى رسالة فى هذا الموضوع «المناهل العذبة فى إصلاح ما وهى من الكعبة» بمكتبة مكة المكرمة.