ما وجد من الأساس أو لم يكن هناك ارتفاع أصلا بل هو مجرد تأسيس فبنى عليه ، ويحتمل غير ذلك والله أعلم بحقائق الأمور. انتهى أقول : قد تقدم ما يصرح بناء الملائكة وأنه مرتفع ارتفاعا زائدا أخذا من رواية أن الله تعالى بعث ملائكة فقال لهم : ابنوا لى بيتا على مثال البيت المعمور وقدره ففعلوا والبيت المعمور هو الذى وضعه الله تعالى تحت العرش على أربع أساطين من زبرجد يغشاهن ياقوتة حمراء ، وتقدم أن طول الخيمة كما بين السماء والأرض فتأمل وسيأتى عن الحليمى أن معنى رواية أنه أهبط مع آدم صلىاللهعليهوسلم بيت فكان يطوف به أنه أهبط مقدار البيت المعمور طولا وعرضا وسمكا ثم قيل ابن بقدره وحياله وكان حياله موضع الكعبة فبناها فيه روى أن الخيمة التى أنزلها الله تعالى لآدم يتمل بها من ياقوت الجنة وفى الرواية الأخرى أن طول الخيمة كما بين السماء والأرض فمقتضى ذلك أن بناء آدم للبيت على هذا الطول فتأمل وقد آن الشروع فى ذكر الأسباب إما سبب بناء الملائكة عليهم الصلاة والسلام فروى عن على بن الحسين ـ رضى الله عنهما ـ أنه قال : لما قال الله تعالى للملائكة : (إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) قالت : أى رب خليفة من غيرنا ممن يفسد فيها ويسفك الدماء فغضب عليهم ، فلاذوا بالعرش ورفعوا رؤسهم وأشاروا بالأصابع يتضرعون ويبكون إشفاقا لغضبه فكانوا بالعرش ثلاث ساعات وفى رواية سبعة أطواف يترضون ربهم فرضى عنهم ، وقال لهم : ابنوا لى فى الأرض بيتا يعوذ به كل من سخطت عليه من خلقى ، فيطوف حوله كما فعلتم بعرشى فأغفر له كما غفرت لكم ، فبنوا البيت الحرام قال العلامة عماد الدين ابن كثير ـ رحمهالله تعالى ـ : قول الملائكة عليهمالسلام (أَتَجْعَلُ فِيها) الآية سؤال على وجه الاستكشاف والاستعلام عن وجه الحكمة لا على وجه الاعتراض والتنقص لبنى آدم والحسد لهم كما توهمه بعض جملة المفسرين وفى الروض الآنف للسهيلى لما قالت الملائكة : أتجعل فيها من يفسد فيها خافت أن يكون الله عاتبا عليهم لاعتراضهم فى علمه فطافوا بالعرش سبعا وذكر ما تقدم عن على بن الحسين ـ رضى الله عنهما ـ وظاهر قول السهيلى خافت أن يكون الله عاتبا عليهم أنه لم يقع من الله غضب عليهم وهو الموافق للحكم بعضهم وقوله تعالى (لا يَعْصُونَ