والذى فى سيرة الشامى أن الخليل وإسماعيل صلى الله عليهما وسلم لم يجعلا له سقفا وكان الناس يلقون فيه الحلى والمتاع حتى إذا كاد أن يمتلىء انقذ له خمسه نفر ليسرقوا ما فيه فقام كل واحد على زاوية واقتحم الخامس فسقط على رأسه فهلك ، وبعث الله سبحانه عند ذلك حية بيضاء سوداء الرأس والذنب ، فحرست البيت خمسمائة عام لا يقربه احد إلا أهلكته فلم يزل كذلك حتى بنته قريش. انتهى وهذا صريح فى أنهم لم يسرقوا منه اصلا فكيف ما تقدم من أنهم سرقوا منه مرة بعد اخرى فتأمل وأما سبب بناء العمالقة وجرهم فروى ابن أبى شيبة وإسحاق بن راهويه فى مسنده وابن جرير وابن ابى حاتم والبيهقى فى الدلائل عن على ـ رضى الله تعالى ـ عنه ان بناء إبراهيم صلىاللهعليهوسلم لبث ما شاء الله أن يلبث ثم انهدم فبنته العمالقه ، ثم انهدم فبنته جرهم. قال السهيلى : قد قيل أنه بنى فى أيام جرهم مره أو مرتين لأن السيل قد صدع حائطه ولم يكن ذلك بنيانا وإنما كان إصلاحا لها ، وهى وجدار بنى بنيه وبين السيل قلنا : فى حديث ابى جهم بن حذيفة ـ رضى الله عنه ـ أن البيت فى زمن جرهم دخله السيل من أعلى مكه فانهدم فأعادته جرهم على بناء إبراهيم صلىاللهعليهوسلم وجعلت له مصراعين وقفلاه. انتهى فهذا نقل صريح يشهد لما فى حديث سيدنا على رضى الله عنه وأما عمارة قصى بن كلاب فقد ذكرها الزبير بن بكار فى كتاب النسب وجرهم به الإمام أبو الحسن الماوردى فى الأحكام السلطانية ونقل الفاسى عن الزبير بكار أن قصيا بنى الكعبة بناء كما على خمسة وعشرين ذراعا وإنه سقفها بخشب الدوم وجريد النخل ثم قال فيه نظر لانه إن أريد من أن الخليل جعل طولها تسعة أذرع وإن أريد أن قصيا جعل عرضها خمسة وعشرين ذراعا فالمعروف أن هذا عرضها من الجهة الشرقية والغربية وروى عبد الرازق والطبرانى والحاكم عن أبى الطفيل ـ رضى الله عنه ـ قال كانت الكعبة فى الجاهلية مبنية بالرضم وهو الحجارة تجعل فوق بعض ليس فيها مرر وكانت قدر ما يقتحمها العناق ، وكانت ثيابها توضع عليها تسدل سدلا وكانت ذات ركنين كهيئة كهذه الحلقة فأقبلت سفينة من الروم حتى إذا كانوا قريبا من جده