الروم يحمل فيها الرخام والخشب والحديد مع باقوم إلى الكنيسة التى أحرقت بالحبشة ثم لما بلغت قريبا من مرسى جدة بعث الله عليها ريحا فحطتها قال القطبى فى تاريخه : قلت لا يعرف طريق بين الروم والحبشة تمر فيها على جدة إلا أن يكون ملك الروم طلب من ملك مصر مجهزها له من بندر السويس ، أو الطور ، أو نحو ذلك التنبيه الثانى قال التقى الفاسى : ذكر الفاكهى فى خبر بناء قريش الكعبة أمرين مستقرين أحدهما أنهم رفعوها فى السماء عشرين ذراعا وذلك فى خبر رواه بسنده إلى عثمان بن عفان ، والأمر الآخر أن قريشا لما اختلفوا فيمن يضع الحجر الأسود فى موضعه ، وقضى فيه النبى صلىاللهعليهوسلم بما قضى ورفعته قريش فى الثوب حتى وضعه رسول الله صلىاللهعليهوسلم بيده ، فرفعه إلى عبد المطلب وكان هو الذى وضعه بيده ووجه الغرابة فى الأول مخالفته لما ذكر الأزرقى والفاكهى وغيرهما أن قريشا جعلوا طول الكعبة ثمانية عشر ذراعا ، وفى تاريخ الأزرقى عن أبى الطفيل ما يوافق ما ذكره الفاكهى عن عثمان من أن قريشا جعلوا طول عشرين ذراعا وقد ذكر هذا ابن حجر الهيثمي (١) فى رسالته مقدما له وحكى كونه ثمانية عشر ووجه الغرابة فى الثانى أن عبد المطلب لم يشهد بناء الكعبة لأن بناها إنما كان قبل الهجرة بخمس سنين أو خمس عشرة على ما هو المشهور فى ذلك وعبد المطلب مات والنبى صلىاللهعليهوسلم ابن عشر سنين هذا اكثر ما قيل فى سنه حين موت جده فكيف يحضر قصة حضرها النبى صلىاللهعليهوسلم وسنه ما سبق بيانه انتهى كلام (٢) الفاسى وأخرج الأزرقى فى رواية أن طول الكعبة كان سبعة وعشرين ذراعا فاقتصرت قريش منها على ثمانية عشر ذراعا ونقصوا من عرضها أذرعا أدخلوها فى الحجر وقد نقله ابن حجر فى رسالة ينقم عليه وقد اعترض بعض المتأخرين بأن بناء قريش ثابت على القول المشهور بعد بناء الخليل ـ وقد علمت فيما سبق أن الخليل صلوات الله وسلامه عليه ـ جعل طولها فى السماء تسعة أذرع كما تظافرت الأقوال وستقف على ذلك فى كلام الأزرقى أيضا عند ذكر بناء ابن الزبير ـ رضى الله عنهما ـ أيضا فما نقله من أن طول الكعبة كان سبعة وعشرين ذراعا إلى آخره فيه مناقضة لما يأتى عنه ولم يثبت من طريق صحيح أن أحدا بناها بعد الخيل وجعل طولها سبعة
__________________
(١) المناهل العذبة لوحة ٩.
(٢) شفاء الغرام ١ / ٩٢.