والسلام ودعى ابن الزبير خمسين رجلا من وجوه الناس وأشرافهم وأشهرهم على ذلك الأساس وأدخل عبد الله بن مطيع العدوى عتلة كانت بيده فى ركن من أركان البيت ، فتدعدعت الأركان كلها وارتجت جوانب البيت ورجفت مكة بأسرها رجفة شديدة ، وخافوا خوفا شديدا وطارت من الحجر قطعة فأخذها بيده ، فإذا فيها نور مثل نار فطارت فيه برمة فلم يبق دارا من دور مكة إلا دخل ففزعوا ، فقال ابن الزبير : اشهدوا ثم وضع البناء علي ذلك الأساس فشرع حيئذ فى أمر البناء وأراد أن يبنيها بالورش وقيل له : إن الورش ولكن ابنها بالقصة وأخبر أن قصة صنعا أجور فأرسل بأربعمائة دينار يشترى بها ذلك ، وفى الزهر الباسم أنه بناها بالرصاص المذاب بالورش ، ثم أن يسأل رجلا من أهل العلم بمكة من أين أخذت قريش حجارتها فأخبروه بمقامها فنقل ما احتاج إليه وعزل من حجارة البيت ما يصلح أن تعاد فيه ثم بنى على تلك القواعد بعد أن جعل أعمدة من الخشب وستر عليها المستور ليطوف الناس من قيامها ويصلون إليها حتى ارتفع البناء قال الزركشى فى الأعلام : لو هدمت الكعبة العياذ بالله تعالى فصلى فى عرضا ولا شاخص لم يصح بالصلاة على سطحها ، لأنه صلى فى البيت لا إليه ولهذا لما هدم ابن الزبير رضى الله عنهما الكعبة ووضع أعمدة فستر عليها الستور لاستقبال المستقبلين وطوف الطائفين قال ابن عباس ـ رضى الله عنهما ـ له : إن كنت هادمها فلا تدع الناس لا قبلة لهم وهذا يدل على أن بقعة البيت ما كانت تنزل عندهما منزلة البيت لكن خالفهما عن ذلك جابر ـ رضى الله عنه ـ وقال : صلوا إلى موضعها وخالف ابن شريح فى الصلاة من العرضية فجوز ذلك قال الرافعى : رخصه بعضهم عند بصورة العرضيته وقال الإمام : لا شك أنه يجريه فى العرضة وبه صرح البغوى نقلا عنه فلا فرق انتهى وأما الصلاة إلى أرض الكعبة فيجوز ويجزيه ذلك بلا خلاف عندنا سواء منها شاخص أم لا ومذهب مالك أن المقصود بالاستقبال إلينا لا البقعة كذا نقله فى شرح مسلم فى الحج وما ادعاه فى معنى الخلاف باطل ، فنفى الاستدراك للدار فهى لفظه ، وأما الصلاة إليه إذا انهدم فمن أصحابنا من قال لا يجوز الصحيح أنه يجوز انتهى والصواب تخصيصه عن ابن شريح بالعرضة كما فى الروضة وأخرج الأزرقى أن البناء لما صار ثمانية عشرة ذراعا فى السماء وكان هذا طولها يوم هدمها قصرت حينئذ لأجل الزيادة التى