يتفتت فكتب فى ذلك الحجبة إلى المهدى ، فبعث بألف دينار فصب بها المقام من أعلاه وأسفله ، ثم زيد فى تحليته بالذهب أيضا فى خلافة المتوكل فى مصدر الحاج سنة ست وثلاثين ومائتين ، وعمل الذهب الذى حلى به فى هذا التاريخ فوق الذهب الذى تحلى به فى زمن المهدى ، هذا ما ذكره الأزرقى فى خبر حلية المقام ، ولم يذكر السنة التى حلا فيها فى خلافة المهدى وهى سنة إحدى وستين ومائة على ما ذكر الفاكهى ، وذكر أن المذهب الذى حل به المقام فى خلافة المتوكل لم يزل عليه إلى أن أخذه جعفر بن الفضل ، ومحمد بن حاتم فى سنة إحدى وخمسين ومائتين وضرباه دنانير وأنفقاه على حزب إسماعيل العلو فيما ذكر ، وأبقى الذهب الذى عمل فى خلافة المهدى إلى سنة ست وخمسين ومائتين ثم قلع ، وضم إليه ذهب آخر ، وصلى بذلك كله المقام وكان فى المقام حيثه من فضة مع الذهب فزيد فيها فى هذا التاريخ ، والذى زاد الذهب والفضة فى هذا التاريخ أمير مكة على بن الحسن الهاشمى العباسى ، وكان سبب هذه الحلية أن الحجبة ذكروا العلى بن الحسن المذكور أن المقام قدرها ويخاف عليه ، وسألوه أن نجدد عمله ويصيبه حتى يشتد ، فأجابهم إلى ما سألوه ، وقلع ما على المقام من الذهب والفضة فإذا هو سبع قطع ملصقة وزال عنها الإلصاق فأحكم الصاقه بالعقاقير وركب عليه من حليه الذهب والفضه ما يزيده شدة ، ويستحسنه الناظر فيه ، وكان ابتداء عمل ذلك فى المحرم سنة ست وخمسين ومائتين ، والفراغ منه فى ربيع الأول منها وكان جملة باقى الطوقين الذين عملا فى المقام بالنجوم التى فيهما ، ألفى مثقال ذهب إلا ثمانية مثاقيل. انتهى من كتاب الفاكهى بالمعنين ذكر صفة الموضع الذى فيه المقام ، والمصلى خلفه ، قال العلامة الفاسي. أما صفة الموضع المشار إليه فإنه الآن قبة عالية من خشب ثانية قائمة على أربعة أعمدة دقاق ، حجارة منحوتة بينها أربعة شبابيك من حديد من الجهات الأربعة ، ومن الجهة الشرقية يدخل المقام والقبة مما يلى المقام منقوشة من خزفه بالذهب ، فما يلى السماء مبيضه بالنور ، وأما موضع المصلى الآن فإنه شاباط من خزف على أربعة أعمدة ، منها عمودان عليهما القبة وهو متصل بها وهو مما يلى الأرض منقوش من خزف بالذهب ، ومما يلى السماء مبيض منور وأحدث عهد صنع فيه ذلك شهر رجب سنة عشر وثمانمائة واسم الملك الناصر فرح صاحب مصر مكتوب فيه بسبب هذه العمارة ،