جاء سبل أم نهل ، الذى ماتت فيه ما احتمل المقام فذهب به فوجد بأسفل مكة فأتى به فربط إلى أستار الكعبة فى وجهها ، وكتب بذلك إلى عمر ، فأقبل فزعا ، فدخل معتمرا فى رمضان وقد عفى السيل موضع المقام ، فدعا الناس وسألهم عن موضعه فقال المطلب ابن أبى وداعه : «عندى علم ذلك كنت أخشى عليه هذا فأخذت قدرة من موضعه إلى الركن ، وإلى باب الحجر وإلى زمزم بميقاط ، وهو عندى فى البيت» فقال له عمر : «اجلس عندي ، وأرسل إليها فأرسل المطلب ، فأتى بها فوجدها عمر كما قال فشاور الناس عمر ، واستثبت فقالوا : هذا موضعه فأمر بإحكام ربضه تحته ثم خوله فوضعه فى مكانه هذا إلى اليوم». انتهى بمعناه وذكر الأزرقى ما يوافق قول ابن أبى مليكه فى موضع المقام عن عمرو بن دينار وسفيان بن عيينه وروى الفاكهى عن عمرو ابن دينار وسفيان بن عيينه مثل ما حكاه فيها الأزرقى بالمعني ، ونقل المحب الطبرى فى القرى عن مالك ما يخالف ذلك لأنه قال : «وقال مالك فى المدونة» كان المقام فى عهد إبراهيم عليهالسلام فى مكانه اليوم ، وكان أهل الجاهلية ألصقوه إلى البيت خيفة السيل ، فكان كذلك فى عهد النبى صلىاللهعليهوسلم وعهد أبى بكر ، فلما ولى عمرو رده بعد أن قاس موضعه بخيوط قديمه ، قيس بها حين أخذوه». انتهى ثم قال المحب : وفى هذا مناقضة ظاهره لما ذكره الأزرقى عن ابن أبى مليكه». انتهى وذكر المحب ما يرجح ما قاله ابن أبى مليكه ، وذكرنا ذلك فى هذا الكتاب ووقع لغير مالك ما يوافق قوله إن المقام كان عند البيت لأنار روينا فى الأوائل لأبى عروبه عن مجاهد قال : كان المقام إلى جنب البيت وكانوا يخافون عليه من السيول ، وكان الناس يصلون خلفه. انتهى وروينا فى مغازى موسى بن عقبة قال : كان زعموا المقام لاصقا فى الكعبة فأخره رسول الله صلىاللهعليهوسلم فى مكانه هذا. انتهى ما يدل على أنه كان عند الكعبة وأن الولاة أخذوه ، وذكر الفاكهى أخبارا أخر تدل على أن المقام كان عند الكعبة وفى بعضها ما يشعر بتقريب بيان موضعه عند الكعبة لأنه روى بسترة إلى سعيد بن جبير أنه قال : كان المقام فى وجه الكعبة فلما كثر الناس خشى عمر بن الخطاب أن يطأوه بأقدامهم فأخرجه إلى موضعه هذا الذى هو به اليوم ، حذاء موضعه الذى كان به قدام الكعبة انتهى وهذا يقتضى أن يكون موضع المقام اليوم حذاء موضعه