قلب الرجل عنه ماله وفى مصنف ابن أبى شيبة أن عمر بن الخطاب وعائشة كانا إذا قدما مكة حاجا كره أن ينزل بيته الذى هاجر منه ، وبوب ابن أبى شيبة فى مصنفه للجوار بمكه فذكر حديث العلاء بن الحضرمى الذى ذكرناه وذكر عن إسماعيل ابن أبى خالد قال : سمعت عامرا يقول : ما جاور أحد من أصحاب النبى صلىاللهعليهوسلم ، وكان عامر يقول : مالجوار وعن الأعمش عن أبى سفين قال : جاورت مع جابر بن عبد الله بمكه ستة أشهر وعن عطاء قال : جاور عندنا جابر بن عبد الله وابن عمر وابن عباس وأبو هريرة وأبو سعيد الخدرى وعن ابن الزبير أنه كان يقيم بمكه السنين ، وعن حفص بن عثمان عن عبد الملك قال : جاورت بمكة وثم على بن حسين وسعيد بن جبير وعن عطاء قال : أتيت أنا وعبيد بن عمر الليثى عائشة ، وهى مجاورة قال : وكان عليها نذرا أن تجاور شهرا ، وكان عبد الرحمن أخوها يمنعها من ذلك ، وتقول جوار البيت وطواف به أحب إلى وأفضل ، فلما مات عبد الرحمن خرجت. وعن عمر لا تقيموا بعد النفر إلا ثلاثا وعن الشعبى عن عبد الله قال : مكه ليست بدار إقامة ولا مكث ، وما ذكره من مجاورة جابر وأبى سعيد فإنهما من الأنصار ليسا من المهاجرين ، وما ورد عن عمر من النهى محمول على المهاجرين أو أنه كان يقصد به عمارة البلاد وأن لا ينتقص حرمه البيت من قلوب الناس الوافدين عليه وقد اختلف العلماء فى كراهية المجاورة ، والحق أنها إنما تكره للمهاجرين ، أما غيرهم فلا يكره لهم الإقامة بها ، قد دعا إبراهيم ـ عليهالسلام ـ رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات وهى أفضل الأرض عند الجمهور ، وحرمتها من يوم خلق الله السموات والأرض ، ويحكى أن النبيين كانوا يحجون فإذا أتوا الحرم مشوا إعظاما له ومشوا حفاة ، وقيل إنه ما من نبى أهلك الله أمته ، إلا أتى مكة بمن معه من الصالحين يتعبدون الله بها حتى يموتوا قلت : وهو مناسب لأن الإنسان ما دام فى الدنيا ينفى له الحرص على الازدياد فى الأعمال الصالحة على الحمل الوجوه فإذا لم يكن له شغل فى غير مكة أفضل من عبادته فيها فهى له أولى ، لأن عبادته بها أكمل ، وفيها بيت الله فحقيق بالعبد أن يكون عند بيت مولاه ، وعن ابن عباس قال : فى المسجد الحرام قبران ليس فيه غيرهما قبر إسماعيل وشعيب عليهماالسلام فقبر إسماعيل فى الحجر ، وقبر شعيب مقابل الحجر الأسود ، وهذا فى خبر ابن زنبور من رواية الكلبى عن أبى