ذكر السهيلى (١) أنه قد قيل أن البيت الشريف بنى فى أيام جرهم مرة أو مرتين لأن السيل قد صدع .... ولم يكن ذلك بنيانا وإنما كان إصلاحا لما ..... وجدارا بنى بينه وبين السيل.
قلت : فى حديث أبى جهم بن حذيفة رضى الله عنه أن البيت فى زمن جرهم دخله السيل من أعلا مكة فانهدم فأعادته جرهم على بناء إبراهيم صلىاللهعليهوسلم وجعلت له مصراعين وقفلا انتهى.
وذكره السيد السمهودى أنه فى شهر ذى القعدة الحرام سنة سبع وثمانين وثمانمائة قبل دخول الحاج مكة أرسل الله سيلا عظيما بمكة ملأ ما بين الجبلين ، وعلا جدار أبواب المعلاه ، وارتفع فى جوف الكعبة أزيد من قامة وهدم دورا كثيرا وذهب فيه من الأموال والأنفس مالا يحصيه إلا الله تعالى ووجد تحت الردم بالمسجد الحرام فقط عند تنظيفه نحو ثمانين نفسا ومائة ، ولم أقف فى سيول الجاهلية والإسلام على مثله ، ولم يتأت إخراج ذلك الردم بعد جمعه بالمسجد الحرام كالأرام حتى قدم الحجاج وشاهدوا هذه الآية. وقد عقد الإمام الفاسى (٢) بابا فى ذكر شئ من أمطار مكة وسيولها الواقعة فى الجاهلية والإسلام وشئ من خبر الصواعق بمكة ، قال رحمهالله : روينا عن الأزرقى قال سيول وادى مكة فى الجاهلية حدثنى محمد بن يحيى حدثنا عبد العزيز بن عمران عن محمد بن عبد العزيز أن وادى مكة سال فى الجاهلية سيلا عظيما وخزاعة تلى الكعبة وأن ذلك السيل هجم على أهل مكة ودخل المسجد الحرام وأحاط بالكعبة ورمى بالشجر بأسفل مكة ، وجاء برجل وامرأة ميتين فغرقت المرأة وكانت تكون بأعلى مكة يقال لها فارة ولم يعرف الرجل فبنت خزاعة حول البيت بناء أدارته عليه وأدخلوا الحجر فيه ليحصنوا البيت من السيل فلم يزل ذلك البناء على حاله حتى بنت قريش الكعبة فسمى ذلك السيل سيل فارة وسمعت أنها امرأة من بنى بكر.
__________________
(١) فى الروض الأنف ١ / ١٠٥
(٢) انظر شفاء الغرام ٢ / ٤٥