وقد دانوا لليهود ، الذين كان ملكهم الفطيون (الفيطوان) (١) بيثرب ، وقد كان لديه سنّة بأن يفض بكارة كل عروس تزفّ إلى زوجها من الأوس والخزرج ، وقد احتال أحد أبناء الأوس والخزرج وقتل ملك اليهود قبل أن يدخل على أخته ، واسمه مالك بن العجلان ابن زيد السالمي الخزرجي (٢) ، وهرب إلى الشام فدخل على ملك من ملوك الغساسنة يقال له أبو جبيلة ، وفي بعض الروايات ذهب مستنجدا بتّبع الأصغر بن حسان ملك اليمن ، فعاهد أبو جبيلة على الثأر ، وقدم إلى يثرب ونكل باليهود ، وقتلهم مقتلة عظيمة ، وصارت السيادة للخزرج والأوس من يومها على يثرب ، وقال الرّمق بن زيد بن غنم بن سالم بن مالك بن سالم بن عوف بن الخزرج يمدح أبا جبيلة : (٣)
وأبو جبيلة خير من |
|
يمشي وأوفاهم يمينا |
وأبرّهم برّا وأعلم |
|
هم بفضل الصالحينا |
أبقت لنا الأيام والح |
|
رب المهمة يعترينا |
كبشا له زريف |
|
لّ متونها الذّكر السنينا |
ومعاقلا شمّا وأسيا |
|
فا يقمن وينحنينا |
ومحلّة زوراء تج |
|
حف بالرجال الظالمينا |
ولعنت اليهود مالك بن العجلان في كنائسهم وبيوت عبادتهم ، فبلغه ذلك فقال (٤)
تحايا اليهود بتلعانها |
|
تحايا الحمير بأبوالها |
وماذا عليّ بأن يغضبوا |
|
وتأتي المنايا بأذلالها! |
وقالت سارة القرضية ترثي من قتل من قومها : (٥)
__________________
(١) ورد في سير الملوك للاصمعي مخطوط ص ٢٤٧ : القيطون بن اسعد بن عمرو والي الحجاز وتهامة من اليمن حيث ملك يثرب وهو الذي سلك ملك طسم وجديس في افتراع بكارة كل عروس قبل ان تزف الى زوجها ، وسبب مقتله ان يهودية زفت الى زوجها وكانت اختا لمالك بن عجلان في الرضاعة ، حيث استنجدت بأخيها وتم قتله من قبل مالك بن عجلان ...
(٢) في مخطوط الأصمعي مالك بن عجلان بن عمرو بن أوس بن حارثة بن عمرو بن عامر.
(٣) نفس المصدر السابق ج ٥ ص ٨٥ ، ولعل رواية الاستنجاد بالغساسنة هي الأرجح ، رغم الشك بموضوع ملك اليهود وفضه بكارة كل عروس ، ولعل الأرجح أنه اعتدى على تلك الفتاة. وكان ذلك هو السبب.
(٤) نفس المصدر السابق ج ٥ ص ٨٦ ـ الاشتقاق ص ٢٧٠ ـ الأغاني ج ١٩ ص ٩٥ تاريخ الطبري ج ٢ ص ٣٧١ تاريخ اليهود في بلاد العرب اسرائيل ولغنسون ص ٦٥
(٥) نفس المصدر السابق ج ٥ ص ٨٦.