وبعث معهم مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي ، وأراد أن يقرئهم القرآن ، ويعلمهم الاسلام ، ويفقهم في الدين ، فكان يسمى المقرىء بالمدينة ، وقيل كان يصلي بهم ، لأن الأوس والخزرج كره بعضهم أن يؤمه بعض" (١)
وكانت بيعة العقبة الثانية خطوة متقدمة وهامة إلى الأمام في مجال انطلاق الدعوة الاسلامية انطلاقة جديدة ، وتطورا سيكون له آثاره في المستقبل القريب.
وبدأت طلائع المهاجرين المسلمين تتجه إلى يثرب ، بعد أن كانت توجهت إلى الحبشة ، وبدأ المجتمع الجديد يتفاعل في عملية مزج وتمازج وتفاعل من أندر ما جرى في التاريخ ، وانتهت هذه الهجرة الجماعية بوصول الرسول صلىاللهعليهوسلم ، وبدء تكوين المجتمع الاسلامي لحمته وسداه من قريش والأوس والخزرج في مؤاخاة نادرة في الممتلكات ، حيث عقب ذلك بناء المسجد النبوي ، وتكوين مؤسسات كانت نواة الدولة الاسلامية الجديدة التي تمخض عنها لأول مرة نواة جيش اسلامي كان من نتائجه الانتصار في معركة بدر ، حيث عمقّت الدولة الجديدة جذورها في كل أنحاء المدينة وما حولها ، ووصل صدى ذلك إلى كل القبائل العربية. ولعل أبرز ما تمخضت عنه الهجرة هو تلك الوثيقة النادرة التي كتبها الرسول صلىاللهعليهوسلم بين المهاجرين وأهل المدينة واليهود ونسوقها نظرا لأهميتها : (٢)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
" هذا كتاب من محمد النبي صلىاللهعليهوسلم بين المؤمنين والمسلمين من قريش ويثرب ، ومن تبعهم ، فلحق بهم ، وجاهد معهم إنهم أمه واحدة من دون الناس ، المهاجرون من قريش على ربعتهم (٣) يتعاقلون : بينهم ، وهم يفدون عانيهم بالمعروف والقسط بين المؤمنين ، وبنو
__________________
(١) سيرة بن هشام ج ١ ص ٤٢٨ وهناك تفصيلات حول أسماء الذين أسلموا من الأنصار في العقبة الأولى ثم في العقبة الثانية ص ٤٣٨ وحضور عم الرسول صلىاللهعليهوسلم العباس بن عبد المطلب العقبة الثانية وهو على دين الشرك للاطلاع على الحلف الجديد بين ابن أخيه وأهل يثرب ، موسوعة العتبات المقدسة قسم المدينة ص ١٣٧ وما بعدها. انظر تفصيلات بيعة العقبة الثانية وتفاصيل ذلك في سيرة ابن هشام ج ١ ص ٤٣٨ ـ ٤٦٧ وتفاصيل عن هجرة المسلمين والرسول صلىاللهعليهوسلم في نفس المصدر ج ١ ص ٤٦٨ ـ ٥٨٠ وما بعدها.
(٢) سيرة ابن هشام ج ١ ص ٥٠١ ـ ٥٠٤ ، موسوعة العتبات المقدسة ـ قسم المدينة ص ١٥٧.
(٣) الربعة : الحال التي جاء الاسلام وهم عليها.