نحو يحيى ويميت أو حرفين نحو : (لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ)(١) فإن فى اللام معنى الانتفاع وفى على معنى التضرر أى لا ينتفع بطاعتها ولا يتضرر بمعصيتها غيرها.
______________________________________________________
يقظ على وزن عضد أو كتف بمعنى يقظان ، والرقود جمع راقد فالجمع بين أيقاظ ورقود مطابقة ؛ لأن اليقظة تشتمل على الإدراك بالحواس ، والنوم يشتمل على عدمه فبينهما شبه العدم والملكة باعتبار لازميهما ، وبينهما باعتبار أنفسهما التضاد ؛ لأن النوم عرض يمنع إدراك الحواس واليقظة عرض يقتضى الإدراك بها ، وإن قلنا إن اليقظة نفى ذلك العرض كان بينهما عدم وملكة حقيقة ، وقد دل على كل منهما بالاسم (قوله : نحو : (يُحْيِي وَيُمِيتُ)) (٢) أى من قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلافُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ أَفَلا تَعْقِلُونَ) فالإحياء والإماتة وإن صح اجتماعهما فى المحيى والمميت ، لكن بينهما باعتبار متعلقهما أعنى الحياة والموت العدم والملكة أو التضاد بناء على أن الموت عرض وجودى ، فالتنافى بينهما اعتبارى ، وإنما لم يجعلهما من الملحق الآتى لإشعارهما من جهة اللفظ بالحياة والموت ، بخلاف الملحق كما يأتى فى (أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ)(٣) والليل والنهار فى الآية المذكورة مما يشبه تقابلهما تقابل التضاد للإشعار بالظلمة والنور اللذين هما كالبياض والسواد معا. ((لَها ما كَسَبَتْ) إلخ) أى للنفس جزاء وثواب ما كسبته من الطاعات وعليها عقاب ما اكتسبته من المعاصى (قوله : فإن فى اللام معنى الانتفاع) وذلك لأن اللام تشعر بالملكية المؤذنة بالانتفاع ، وعلى تشعر بالعلو المشعر بالتحمل أو الثقل المؤذن بالتضرر ، فصار تقابلهما ـ أى اللام وعلى ـ كتقابل النفع والضرر وهما ضدان ، فكأنه قيل : لها ثواب ما كسبت من الطاعات فلا ينتفع بطاعتها غيرها ، وعليها عقاب ما اكتسبته من المعاصى فلا يتضرر بمعصيتها غيرها. كما قال الشارح ، وبين الشارح ذلك لما فى تقابل اللام وعلى من الخفاء بخلاف ما قبله فإن التقابل فيه ظاهر فلذا لم ينبه عليه. (قوله : أى لا ينتفع بطاعتها إلخ) أخذ الحصر من تقديم الجار والمجرور على عامله ، فالانتفاع الحاصل من الدعاء والصدقة للغير انتفاع بثمرة الطاعة لا بنفسها.
__________________
(١) البقرة : ٢٨٦.
(٢) المؤمنون : ٨٠.
(٣) الفتح : ٢٩.