زيد ، قال : أصبحنا ذات يوم فقالت أمي لأبي : والله ما في بيتك شيء يأكله ذو كبد ، فقام فتوضّأ ولبس ثيابه ، ثم صلّى في بيته ، فأقبلت عليّ أمي فقالت : إن أباك ليس يزيد على ما ترى ، فلبست ثيابي وخرجت فخطر ببالي صديق لي أو لأبي تمّار ، فجئت الخطا (١) حتى آتى حانوت الرجل فصاح بي إنسان ، فإذا أنا بصاحبي ، فقال : تعال أعنّي على هذا التمر ، فجعلنا نحمل ونفرغ ونعبّيه فقال : اذهب بنا إلى المنزل ، فلما دخل إذا مائدة عليها أقراص ولحم ، فأكلت حتى إذا فرغ ومسح يده ، أخرج إليّ صرة فقال : أقرئ أباك السلام ، وقل له : إنا جعلنا لك شركا وهذا نصيبك منه ، فطرح لي صرة فإذا فيها ثلاثون دينارا ، ثم أخرج لي أخرى ، فقال : اذهب بها إلى أبي حازم ، ثم أخرج أخرى ، فقال : اذهب بها إلى محمد بن المنكدر ، فخرجت [أجد] أبي في مصلاه ، فسلمت وجلست فأخبرته ، فأخرج عشرة فقال : اذهب بها إلى أبي حازم ، وأخرج عشرة وقال : اذهب بها إلى محمد بن المنكدر ، فقلت : قد أتاهما (٢) مثل ما أتاك ، فقال : ادفعها إلى أمك ، فذهبت إلى أبي حازم ، فكأنه سمع قول أبي ، وذهبت إلى ابن المنكدر ، فكأنه سمع قول أبي ، أي أنهما فعلا مثل ما فعل أبوه.
أخبرنا أبو العزّ أحمد بن عبيد الله ، أنا محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن حسنون ، أنا أبو الحسن الدارقطني ، نا أبو بكر بن محمد بن سعدان الصيدلاني ـ بواسط ـ نا إسحاق بن وهب العلّاف ، نا يعقوب بن محمد الزهري ، نا الزبير بن حبيب ، عن زيد بن أسلم ، قال : والله ما قالت القدرية كما قال الله عزوجل ، وكما قالت الملائكة ، وكما قال النبيون ، ولا كما قال أهل الجنة ، ولا كما قال أهل النار ، ولا كما قال أخوهم إبليس ، قال الله عزوجل : (وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ)(٣) ، وقالت الملائكة : (سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا)(٤) ، وقال شعيب النبي صلىاللهعليهوسلم : وما كان لنا أن نعود فيها إلّا أن يشاء ربنا (٥) ، وقال أهل الجنة : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا
__________________
(١) في بغية الطلب : أتخطى.
(٢) بالأصل : فأتاها ، والصواب عن بغية الطلب.
(٣) سورة التكوير ، الآية : ٢٩.
(٤) سورة البقرة ، الآية : ٣٢.
(٥) الآية : ٨٩ من سورة الأعراف وفي التنزيل العزيز : وما يكون لنا أن تعود فيها إلّا أن يشاء ربنا.