اللسان لما هداه له القلب ، فإذا كان القلب على طرف اللسان جاء الكلام وائتلف القول ، واعتدل ، ولم يكن اللسان عثرة ، ولا زلة ، ولا حلم لمن لم يكن قلبه من بين يدي لسانه ، فإذا ترك الرجل كلامه بلسانه وخالف على ذلك قلبه جذع بذلك نفسه ، وإذا وزن الرجل كلامه يفعله صدق ذلك مواقع حديثه ، يذكر هل وجدت بخيلا إلّا هو يجود بالقول ويضمر بالفعل ، وذلك لأن لسانه بين يدي قلبه ، يذكر هل يجد عنه أحد شرفا أو مروءة ، إذا لم يحفظ ما قال لم يتبعه ، ويقول ما قال ، وهو يعلم أنه حقّ عليه ، وأحب حين يتكلم به لا يكون بصيرا بعيوب الناس ، فإن الذي يبصر عيوب الناس ويهون عليه عيبه كمن يتكلف ما لم يؤمر به ، والسلام.
أخبرنا أبو محمّد بن طاوس المقرئ ، أنبأ عاصم بن الحسن بن محمّد ، أنا أبو عمر بن مهدي ، أنا أبو جعفر محمّد بن عمرو بن البختري الرزاز (١) ، نا أحمد بن ملاعب أبو الفضل ، نا يحيى بن يعلى ، نا أبي ، ثنا الأشعث ، نا ابن سيرين قال : دخلت مع أبي على زيد بن ثابت ، قال : وأنا معه وإخوة لي ، قال : فقال زيد : إن هذين لأمّ ، وإن هذا لأمّ ، وإن هذا لأمّ ، قال : وأصاب.
أخبرنا أبو القاسم الشّحّامي ، أنبأ أبو بكر البيهقي ، وأنبأ أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو بكر بن الطيوري ، قالا : أنا أبو الحسين بن الفضل ، أنا عبد الله بن جعفر ، نا يعقوب (٢) ، نا سليمان بن حرب ، نا حمّاد ، عن هشام بن حسان ، عن محمّد بن سيرين قال : حج بنا أبو الوليد ونحن سبعة ولد سيرين ، فمر بنا على المدينة ، فأدخلنا على زيد بن ثابت ، فقال له : هؤلاء بنو سيرين ، [قال : فقال زيد :](٣) هذان لأمّ ، وهذان لأمّ ، وهذان (٤) لأمّ ، وهذان لأمّ ، قال : فما أخطأ ، وكان يحيى بن سيرين أخا محمّد بن سيرين لأمه.
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الحسن علي بن أحمد ، قالا : نا وأبو منصور بن خيرون ، أنا أبو بكر الخطيب (٥) ، أنا أبو الحسن علي بن أحمد بن إبراهيم
__________________
(١) ترجمته في سير الأعلام ١٥ / ٣٨٥.
(٢) المعرفة والتاريخ ٢ / ٥٨.
(٣) ما بين معكوفتين زيادة عن تاريخ الفسوي.
(٤) بالأصل : وهذين ، والمثبت عن تاريخ الفسوي.
(٥) تاريخ بغداد ٥ / ٣٣٢ ـ ٣٣٣ في ترجمة محمد بن سيرين.