أنا أحمد بن معروف ، نا الحسين بن الفهم ، نا محمد بن سعد ، قال (١) : قال محمد بن عمر : أول سرية خرج فيها زيد سريته إلى القردة ، ثم سريته إلى الجموم ، ثم سريته إلى العيص (٢) ، ثم سريته إلى الطّرف ، (٣) ثم سريته إلى حسمى [، ثم سريته](٤) إلى أم قرفة ، وعقد له رسول الله صلىاللهعليهوسلم على الناس في غزوة مؤتة ، وقدّمه على الأمراء ، فلما التقى المسلمون والمشركون ، كان الأمراء يقاتلون على أرجلهم فأخذ زيد بن حارثة اللواء فقاتل ، وقاتل الناس معه والمسلمون على صفوفهم ، فقتل زيد طعنا بالرماح شهيدا ، فصلى عليه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وقال : «استغفروا له وقد دخل الجنة وهو يسعى» وكانت مؤتة في جمادى الأولى سنة ثمان من الهجرة ، وقتل زيد يومئذ وهو ابن خمس وخمسين سنة [٤٤٩١].
في نسخة : الفردة بالفاء وكسر الراء.
قال : وأنا محمد بن عمر (٥) ، حدّثني محمد بن صالح ، عن عاصم بن عمر بن قتادة ، قال : وحدّثني عبد الجبّار بن عمارة ، عن (٦) عبد الله بن أبي بكر ، زاد أحدهما على صاحبه في هذا الحديث ، قالا : لما التقى الناس بمؤتة جلس رسول الله صلىاللهعليهوسلم على المنبر وكشف له ما بينه وبين الشام ، وهو ينظر إلى معتركهم ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أخذ الراية زيد بن حارثة ، فجاءه الشيطان فحبّب إليه الحياة وكرّه إليه الموت وحبب إليه الدنيا ، فقال : الآن حين استحكم الإيمان في قلوب المؤمنين يحبّب إليّ الدنيا» فمضى قدما حتى استشهد ، فصلّى عليه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وقال : «استغفروا له ، وقد دخل الجنة وهو يسعى» ثم أخذ الراية جعفر بن أبي طالب ، فجاءه الشيطان فمنّاه الحياة وكرّه إليه الموت ومنّاه الدنيا فقال : الآن حين استحكم الإيمان في قلوب المؤمنين تمنّيني الدنيا ، ثم مضى قدما حتى استشهد فصلّى عليه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ودعا له ثم قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «استغفروا لأخيكم فإنه شهيد ، دخل الجنة فهو يطير في الجنة بجناحين من ياقوت حيث
__________________
(١) طبقات ابن سعد ٣ / ٤٦.
(٢) العيص : بينها وبين المدينة أربع ليال ، وبينها وبين ذي المروة ليلة.
(٣) الطرف ماء قريب من المراض دون النخيل على ستة وثلاثين ميلا من المدينة (ابن سعد ٢ / ٦٣).
(٤) ما بين معكوفتين زيادة عن ابن سعد.
(٥) الخبر في مغازي الواقدي ٢ / ٧٦١ ـ ٧٦٢.
(٦) في مغازي الواقدي : بن.