المتوكل فقال : من للشام؟ وليكن في صولة الحجاج؟ فقيل له : افريذون التركي ، فدعا به وعقد له علم دمشق وولّاه دمشق وسار إليها في سبعة آلاف (١) فارس ، وثلاثة آلاف راجل ، وأطلق له المتوكل القتل بدمشق يوما إلى ارتفاع النهار ، وأباحه النهب ثلاثة أيام.
فسار أفريذون إلى دمشق ونزل بقرية السّكون والسّكاسك بيت لهيا (٢) ، فلما أصبح قال : يا دمشق أيش لا يحل (٣) بك مني في يومي هذا؟ ثم دعا بفرسه ليركبه ـ ويقال : بغلة دهماء ـ فلما همّ أن يضع رجله في الركاب ضربته بالزوج على فؤاده فسقط من ساعته ميتا (٤) ، وخيّب الله سعيه ، وقطع أمله ، فقبر ببيت لهيا ، وقبره معروف إلى اليوم ، وصار حديثا ومثلا ، وانصرف العسكر راجعا إلى العراق خائبا ، لم يدخلوا دمشق حتى وافاها المتوكّل بحسن نيّة ، وإضمار الجميل من الفعل ، فبنى بها قصرا في ناحية داريّا (٥) ، ثم انصرف عنها ، فقتلته الأتراك بالعراق.
٢٣٦٥ ـ سالم بن ربيعة
شهد وقعة فحل (٦) ، وحكى بعض شأنها ، وحدّث عن حذيفة بن اليمان.
حكى عنه النّضر بن صالح ، وحلام بن صالح.
أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الوحش سبيع بن المسلّم وغيرهما ، قالوا : حدّثنا عبد العزيز بن أحمد ، أنا أبو الحسين أحمد بن علي بن محمّد الدّولابي الخلّال ، أنا أبو محمّد عبد الله بن محمّد بن عبد الغفار البعلبكّي ، أنا أبو يعقوب إسحاق بن عمّار بن حبش بن محمّد بن حبش بالمصّيصة ، أنا أبو بكر محمّد بن إبراهيم بن مهدي بن المصّيصي ، نا عبد الله بن محمّد بن ربيعة القدّامي حدّثني النّضر بن صالح ، عن سالم بن ربيعة قال :
حدّثني ونحن في عسكر مصعب بن الزبير قال : حمل ميسرة بن مسروق ، وأنا
__________________
(١) بالأصل وم : ألف.
(٢) بيت لهيا ، بكسر اللام وسكون الهاء ، قرية بغوطة دمشق ، ينسب إليها : بتلهيّ.
(٣) في الوافي والسير : ايش يحلّ بك اليوم مني.
(٤) وذلك في حدود الأربعين ومائتين ، قاله الصفدي. وفي السير : قتلوه سنة بضع وثلاثين.
(٥) بالأصل : «دارنا» والصواب عن سير الأعلام.
وداريا قرية كبيرة مشهورة من قرى دمشق بالغوطة ، والنسبة إليها داراني على غير قياس(معجم البلدان).
(٦) فحل : بكسر أوله وسكون ثانيه ، اسم موضع بالشام كانت فيه وقعة للمسلمين مع الروم.