حدّثني أبو النجيب الأرموي قال حدّثني محمّد بن إبراهيم الأصبهانيّ قال أخبرني محمّد بن إدريس الورّاق قال نبأنا محمّد بن حم قال نبأنا محمّد بن يوسف قال نبأنا محمّد بن أبي حاتم الورّاق قال : كان أبو عبد الله إذا كنت معه في سفر يجمعنا بيت واحد إلا في القيظ أحيانا ، فكنت أراه يقوم في ليلة واحدة خمس عشرة مرة إلى عشرين مرة في كل ذلك يأخذ القداحة فيورى نارا بيده ويسرج ثم يخرج أحاديث فيعلم عليها ، ثم يضع رأسه ، وكان يصلي في وقت السحر ثلاث عشرة ركعة يوتر منها بواحدة ، وكان لا يوقظني في كل ما يقوم ، فقلت له : إنك تحمل على نفسك كل هذا ولا توقظني؟ قال : أنت شاب فلا أحب أن أفسد عليك نومك. ورأيته استلقى على قفاه يوما ونحن بفربر في تصنيف كتاب «التفسير» ، وكان أتعب نفسه في ذلك اليوم في كثرة إخراج الحديث ، فقلت له : يا أبا عبد الله سمعتك تقول يوما إني ما أتيت شيئا بغير علم قط منذ عقلت ، فأي علم في هذا الاستلقاء؟ فقال : أتعبنا أنفسنا في هذا اليوم ، وهذا ثغر من الثغور خشيت أن يحدث حدث من أمر العدو فأحببت أن أستريح وآخذ أهبة ذلك ، فإن غافصنا العدو كان بنا حراك (١).
حدّثني أبو عبد الله محمّد بن عليّ الصوري ببغداد ، وأبو محمّد عبد الله بن عليّ ابن عياض بن أبي عقيل القاضي بصور ، وأبو نصر عليّ بن الحسين بن أحمد بن أبي سلمة الورّاق بصيدا. قالوا : أنبأنا محمّد بن أحمد بن جميع الغساني قال حدّثني أحمد ابن محمّد بن آدم بن عبيد أبو سعيد قال نبأنا محمّد بن يوسف الفربري قال : كنت عند محمّد بن إسماعيل البخاريّ بمنزله ذات ليلة فأحصيت عليه أنه قام وأسرج يستذكر أشياء يعلقها في ليلة ، ثماني عشرة مرة (٢).
حدّثني أبو الوليد الدربندي قال سمعت محمّد بن الفضل المفسر يقول سمعت أبا إسحاق الزنجاني (٣) يقول سمعت عبد الرّحمن بن رساين البخاريّ يقول سمعت محمّد بن إسماعيل البخاريّ يقول : صنفت كتابي «الصحيح» لست عشرة سنة ، خرجته من ستمائة ألف حديث ، وجعلته حجة فيما بيني وبين الله تعالى (٤).
__________________
(١) ـ انظر : تهذيب الكمال ٢٤ / ٤٤٧ ، ٤٤٨.
(٢) ـ انظر : تهذيب الكمال ٢٤ / ٤٤٨.
(٣) في الأصل والمطبوعة : (الريحاني) والتصحيح من تهذيب الكمال.
(٤) ـ انظر : تهذيب الكمال ٢٤ / ٤٤٨ ، ٤٤٩.