وكان يقيم بالمدينة أو بمكة ، حتى إذا اشتاق إلى وطنه أخذ ركوته وخرج حتى يأتي أرض العراق ، فلما يعرضه أحد من الأعراب ، بل من وجده أكرمه وبلغه إلى حيث يأمن ، قد عرفته العرب واعتقده آل مهنى اعتقادا عظيما ، حتى كانوا يصدرون عن رأيه ويتبركون بعصاه وثوبه ، كان إذا جاء بالمدينة سكن أحد المدرستين الشهابية أو الأزكجية ، ويخدمه الجمال المطري ويقوم به ويقتصر الشيخ عليه لا يكاد أحد يدنو منه لهيبته في النفوس ، وحكى الجمال المذكور : أنه بعث إلى الناصر يقول له : أنا أضمن لك على الله قضاء ثلاث حوائج ، إن قضيت لي واحدة وهي إزالة هذا الشباك الذي على الحجرة الشريفة ، فبلغه ذلك فتوقف ولم يفعل ، وليته فعل ، فإن في الشباك المشار إليه قطع جانب من المسجد وتحجير كثير من الروضة ، وفي كل زمان يجدد ويعمر بما يتقوى به ويتأبد ، وأدخل فيه قطعة كبيرة لما أزيلت المقصورة ، وله أنواع من الكرامات ، لحق بها أهل الولايات ، مات في حدود الثلاثين وسبعمائة ـ قاله ابن فرحون ، وقال المجد : كان من أكابر الصالحين وأخيار الأولياء المتقين ، مديم الصوم ، عديم النوم ، مقيم على طريقة القوم ، وكان حبل الوقار والسكينة ، مشغوفا بجوار مكة ، والمدينة ، ز ...... وأسطه ، ونسب من الشرف البادح بواسطه ، وكان من ديدنه في التجرد وهجيره في التوكل والتفرد ، أنه إذا اشتاق إلى وطنه وأذن له قصد حبسه وسكنه ، أخذ عصاه وركوته ودخل البادية جاعلا التوكل عمدته وقدرته ، ولا نظر ضعفه وقوته ، وكان لا يعترضه أحد من الأعراب ولا يقابلونه إلا بالطعام والشراب والإكرام والترحاب ، وكان طوائف العرب يعرفونه ويأنسون بحضوره ورؤيته ويألفونه ويتألمون لفرقته ويتبركون بعصاه وخرقتها ، وله أنواع من الكرامات والولايات وانجماع إلى أرباب الخصوص والعنايات ، ووصفه ابن صالح : بالشيخ الصالح الكبير ، وقال : كان مجتهدا في العبارة ، عظيم العزلة ، بحيث يقوم من الصلاة بمجرد التسليم قبل الدعاء ويذهب إلى بيته ، ومات وهو حاج مع الركب ، ودفن في بدر عند الشهداء.
٣١٢٢ ـ عماد : من شيوخ أهل المدينة ، كان هو وأخوه عكاشة محترمين ، أصحاب أصايل ولهما ذكره ، ذكرهما ابن صالح.
٣١٢٣ ـ عمارة بن أكيمة : أبو الوليد الليثي ثم الجندعي من أنفسهم ، المدني ، ذكره مسلم في ابن أكيمة بدون تسمية ، في ثالثة تابعي المدنيين ، وقيل اسمه عمارا وعمرا وعامر ، قال الذهبي : المحفوظ عندنا «عمار» وهو جد عمر بن مسلم الذي روى عنه ملك ومحمد بن عمرو بن علقمة ، وسيأتي ، وكذا قال ابن حبان في الثقات : يشبه أن يكون المحفوظ أن اسمه «عمار» ، روى صاحب الترجمة عن أبي هريرة وعن ابن أخي أبي رهم الغفار وعنه الزهري ، قال أبو حاتم : صحيح الحديث مقبول ، وقال ابن