ولا يكون فاعلهما إلا ما عرّف بالألف واللام ، أو ما أضيف إلى ذلك ؛ نحو قولهم : «نعم الرجل زيد ، ونعم غلام القوم عمرو» ، أو مضمرا على شريطة تفسيره باسم نكرة بعده ؛ نحو قولك : «نعم رجلا زيد» ؛ ومن هذا القبيل : قوله تعالى : (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ) [البقرة : ٢٧١] ، وقوله سبحانه : (بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ) [البقرة : ٩٠] ، أو مضافا إلى نكرة ؛ وذلك قليل جدّا ؛ نحو قوله : [من البسيط]
١٤ ـ فنعم صاحب قوم لا سلاح لهم |
|
وصاحب الرّكب عثمان بن عفّانا (١) |
ولا بد من ذكر [اسم] (٢) الممدوح أو المذموم ، ومن ذكر التمييز إذا كان الفاعل مضمرا.
وقد يجوز حذف ذلك كله لفهم المعنى ، ومن كلامهم : «إن فعلت كذا وكذا ، فبها ونعمت» أى : ونعمت فعلة فعلتك ؛ بحذف التمييز واسم الممدوح ، ويكون اسم الممدوح أو المذموم أخص من الفاعل ، ولا يكون أعمّ ولا مساويا ، لا يقال : نعم الرجل إنسان ، ولا نعم البعير جمل ، عند من يجعل البعير لا يقع إلا على الجمل ؛ لأنه لا فائدة فى ذلك.
__________________
(١) اختلف في نسبة هذا البيت فقيل : هو لـ «كثير بن عبد الله النهشلي» المعروف بـ «ابن الغزبرة» ، وقيل : لـ «أوس ابن مغراء» ، وقيل : لـ «حسان بن ثابت» ، وقوله : «فنعم صاحب قوم» ، قال البغدادي : قال العينى : إشارة إلى فضل عثمان ـ رضي الله تعالى عنه ـ أنه يغنى يوم القيامة بالشفاعة غنى من دافع في الدنيا بسلاحه عن عزل الجماعة ، وقد يكون السلاح ـ أيضا ـ عبارة عن بذله لماله وتوسعته لصحبه. فيكون ذلك أجدى من السلاح لحامله.
هذا كلامه ، وليس معنى الشعر ، إنما معناه إشارة إلى قوله يوم الدار : «من رمي سلاحه كان حرّا».
وقوله : (صاحب الرّكب). أي : ركب الحجّ.
والشاهد فيه قوله : «فنعم صاحب قوم» حيث جاء فاعل «نعم» نكرة مضافة إلى مثلها ، وهذا جائز عند الكوفيين ، وضرورة عند البصريين.
ينظر البيت لكثير بن عبد الله في : الدرر ٥ / ٢١٣ ، شرح شواهد الإيضاح ص ١٠٠ ، والمقاصد النحوية ٤ / ١٧ ، ولكثير أو لأوس بن مغراء أو لحسان بن ثابت في : خزانة الأدب ٩ / ٤١٥ ، ٤١٧ ، وشرح المفصل ٧ / ١٣١ ـ وليس في ديوان حسان ، وبلا نسبة في شرح الأشموني ٢ / ٣٧١ ، وهمع الهوامع ٢ / ٨٦.
(٢) سقط في أ.