من ضيغم بثراء الأرض مخدره |
|
ببطن عثّر غيل دونه غيل (١) |
إذ لا يبنى أفعل التى للمفاضلة إلا مما يبنى منه فعل التعجب.
وقولنا فى الحد : «خفى سببها وخرج بها المتعجب منه عن نظائره أو قل نظيره» ؛ لأنّ ما تكثر نظائره في الوجود لا يستعظم.
وللتعجب ثلاثة ألفاظ : ما أفعله ، وأفعل به ، وفعل :
فإذا أردت التعجب من فعل على طريقة «ما أفعله» فإما أن يكون مزيدا أو غير مزيد : فالمزيد : إن كان على غير وزن أفعل ـ لم يجز التعجب منه نفسه ، إلا أن يشذ من ذلك شئ ؛ فيحفظ ولا يقاس عليه ، والذى يحكى من ذلك : ما أفقره ، من «افتقر» ، وما أغناه ، من «استغنى» ، وما أتقاه ، من «اتقى» ، وما أقومه ، من «استقام» ، وما أمكنه عند الأمير ، من «تمكن» وما أملأ القربة ، من «امتلأ» القربة وما أبل زيدا أى : ما أكثر إبله ، وإنما يقال : تأبل إبلا : إذا اتخذها ؛ ولذلك لم يجز التعجب من العاهات والألوان ؛ لأن أفعالهما فى الأصل على وزن : افعلّ وافعالّ ، وهما أزيد من ثلاثة أحرف ؛ ولذلك لم يعلّوا حول وعور وسود ؛ لأنها فى معنى : احولّ ، واعورّ ، واسودّ ، وأما قوله [من البسيط] :
٢٢ ـ إذا الرّجال شتوا واشتدّ أكلهم |
|
فأنت أبيضهم سربال طبّاخ (٢) |
فلا يقاس عليه ؛ لأنه ضرورة.
__________________
(١) ويروي البيت الأول :
لذاك أهيب عندي إذ أكلّمه |
|
وقيل إنّك منسوب ومسئول |
ويروي البيت الثاني :
من خادر من ليوث الأسد مسكنه |
|
من بطن عثّر غيل بعده غيل |
وعثر اسم مكان قال أبو عبيد البكري في معجم ما استعجم : هو واد من أودية العقيق.
وقال أبو سعيد : عثر جبل بتبالة ، وهذا أصح والضيغم : الأسد.
والشاهد في الأول : «أخوف» حيث بني أفعل التفضيل من المبني للمجهول ، وهو الفعل «خيف» ، وهذا جائز إذا أمن اللبس
ينظر : ديوانه ص ٦٦ ، والدرر ٦ / ٢٦٣ ، وبلا نسبة في رصف المباني ٢٣١ ، وهمع الهوامع ٢ / ١٦٦.
(٢) البيت لـ «طرفة بن العبد» ابن العشرين ، ولصدره روايات مختلفة نذكر منها رواية الديوان :
أمّا الملوك فأنت أنت ألأمهم |
|
لؤما وأبيضهم سربال طبّاخ |
والشاهد فيه قوله : «أبيضهم» حيث جاء أفعل التفضيل من البياض ، والكوفيون يجيزون