هنا ـ جائز بخلاف الظن ؛ فلذلك لا يجوز : ما أظنّ زيدا لعمرو إلا ألفاظا استغنت العرب عن التعجّب منها بغيرها ، وهى : قام ، وقعد ، ونام ، وسكر ، وغضب ، وجلس ، و «قال» من القائلة.
وكل ما ذكرنا أنه لا يجوز التعجب منه نفسه ، فإنك تتوصل إلى التعجب منه بأن تأتى بدله بفعل يجوز أن يتعجب منه ، وتنصب مصدر الفعل الذى تعذر التعجب منه ، على أنه مفعول للفعل الذى تتعجب منه وتقتصر إن شئت على المفعولات أو تأتى بجميعها ، فتقول : «ما أشدّ دحرجته ، وما أشدّ استخراج زيد للدراهم ، وما أكثر انطلاقه ، وما أكثر ظنّك زيدا منطلقا ، وما أحسن إخبار زيد بكرا عمرا قائما ، وما أسوأ عمى بكر ، فإن لم يكن له مصدر ، أدخلت «ما» المصدرية عليه ؛ نحو قولك : «ما أكثر ما يذر زيد / الواجب عليه ، فإن لم يجز دخول «ما» المصدرية عليه ، لم يتعجب منه أصلا ؛ نحو : نعم وبئس.
والفعل الذى تتعجب منه إن كان على وزن «فعل» بضم العين (١) ، بنيت منه أفعل من غير تغيير ، وإن كان على وزن «فعل» بفتح العين أو كسرها ، فلا بد من تحويله إلى «فعل» بضم العين ؛ وحينئذ : يتعجب منه (٢).
وقد حذفت الهمزة فى موضعين قالوا : «ما خير اللبن للصحيح ، وما شره
__________________
(١) م : وقولى : «والفعل الذى يتعجب منه إن كان على وزن فعل بضم العين» إلى آخره ، مثال ذلك ظرف ؛ تقول فيه : ما أظرفه. أه.
(٢) م : وقولى : «وإن كان على فعل بفتح العين أو كسرها ، فلا بد من تحويله إلى فعل بضم العين ، وحينئذ يتعجب منه» الدليل على تحويله إلى فعل بضم العين : شيئان :
أحدهما : كون الفعل يصير غير متعد ، وقد كان قبل التعجب منه متعديا ؛ ألا ترى أن «ضرب» لو بقى فى حال التعجب منه على تعدّيه ، للزم إذا تعجبت منه وأدخلت عليه الهمزة التى للنقل ـ أن يتعدى إلى مفعولين ؛ فكنت تقول : ما أضرب زيدا عمرا ، وهم لا يقولونه ؛ فدل ذلك على أنه لم يتعجب منه حتى حول إلى فعل ؛ لأنها لا تتعدى.
والآخر : أنه يجوز لك فى فعل المفتوح العين أو المكسورها إذا أردت التعجب منه : أن تنقله إلى فعل بضم العين ، فتقول : ضرب الرجل ، وشرب ، أى : ما أضربه وأشربه ، ولا يجوز إذا أردت معنى التعجب أن تبقيهما على وزنيهما الأصليين ؛ فدل ذلك على أنه لا يجوز التعجب من الفعل حتى يحول إلى فعل بضم العين ، والسبب فى ذلك ما ذكرناه ، أنهم أرادوا أن يجعلوا الفعل كأنه غريزة فى المتعجب منه مبالغة. أه.