وهى بالنظر إلى تقديم أخبارها عليها ، قسمان :
قسم لا يجوز تقديم خبره عليه ، وهو : ما دام (١) وقعد فى المثل ، وما زال وأخواتها ما دامت منفية بـ «ما» ، أو بـ «لا» فى جواب قسم.
وقسم يجوز تقديم خبره عليه ، وهو : ما بقى من الأفعال (٢) ، ما لم يعرض له عارض يوجب تقديم الخبر أو تأخيره عنه (٣) ، وهى : العوارض التى أوجبت تقديم المفعول على العامل أو تأخيره عنه ، ما عدا انفصال الضمير ؛ فإنه لا يوجب تقديم الخبر (٤) بل يجوز :
«كان إيّاه زيد ، وكانه زيد» ، وإلا حسن الانفصال ؛ قال عمر بن أبى ربيعة (٥)
__________________
(١) م : وقولى : «قسم لا يجوز تقديم خبره عليه وهو مادام ...» إلى آخره إنما لم يجز تقديم خبر ما دام عليها ، فيقال : أفعل هذا قائما ما دام زيد ؛ لأن ما ظرفيّة مصدرية فهى من قبيل الموصولات ، ولا يجوز تقديم شىء من صلة الموصول عليه ، ولم يجز تقديم خبر قعد عليها فى نحو قولهم : «شحذ شفرته حتى قعدت كأنها حربة» لأنها كالمثل والأمثال لا تغير عما استعملت عليه ، ولم يجز تقديم خبر ما زال وأخواتها عليها لا يقال قائما ما زال زيد ، ولا عالما ما انفك زيد ، لأن ما النافية من حروف الصدر فلم يتقدم كذلك ما بعدها عليها ، وكذلك لا الداخلة فى جواب القسم هى من حروف الصدر ؛ فكذلك لم يجز أن تقول والله قائما لا يزال زيد. أه.
(٢) م : وقولى : «وقسم يجوز تقديم خبرها عليها وهو ما بقى من الأفعال» مثال ذلك قائما كان زيد ، وعالما لم يزل زيد ، ومنطلقا أضحى عبد الله. أه.
(٣) م : وقولى : «ما لم يعرض عارض يوجب تقديم الخبر أو تأخيره ...» إلى آخره مثال ذلك : ما كان زيد قائما ، وهل أصبح بكر منطلقا؟ ، ألا ترى أنّ خبر كان وخبر أصبح قد كان تقديمهما جائزا قبل دخول ما النافية وأداة الاستفهام ، فلما دخلتا لم يجز التقديم ، كما أنه لا يجوز تقديم المفعول على عامله إذا دخلتا عليه ، أعنى : ما وهل ، وكذلك أيضا قولك : زيد كأنه عمرو ، أى : مثله ، لا يتقدّم الخبر هنا على كأن ؛ لأنه ضمير متصل كما أن المفعول إذا كان ضميرا متصلا لا يجوز تقديمه على العامل وكذلك سائر الموجبات لتأخير المفعول تكون أيضا موجبة لتأخير الخبر ، وتقول أيضا : أىّ رجل كان زيد ، فيلزم تقديم الخبر ؛ لأنه اسم استفهام ، كما يلزم تقديم المفعول على العامل إذا كان اسم استفهام ؛ نحو قولك : أى رجل ضربت؟ ، وكذلك سائر موجبات تقديم المفعول على العامل يوجب تقديم الخبر ، وقد تقدم تبيين الموجبات للتقديم والتأخير فى باب الفاعل ؛ فأغنى ذلك عن إعادتها ههنا. أه.
(٤) م : وقولى : «ما عدا انفصال الضمير فإنه لا يوجب تقديم الخبر» أعنى : أن انفصال الضمير فى مثل : إيّاك ضربت ـ قد كان موجبا لتقديم المفعول على العامل ، وليس موجبا لتقديم الخبر بل يجوز : عمرو كان إياه زيد ، فلذلك استثنيته. أه.
(٥) عمر بن أبي ربيعة المخزومي القرشي ، أبو الخطاب : أرق شعراء عصره ، من طبقة جرير والفرزدق. ولم يكن في قريش أشهر منه ، ولد في الليلة التي توفي فيها عمر بن الخطاب فسمى باسمه ، له ديوان شعر ، وكتب ابن بسام في سيرته كتابا سماه «أخبار عمر بن