وأما أخذ وجعل وطفق : فالأفعال الواقعة موقع أخبارها أحوال ؛ فلم يسغ لذلك دخول أن عليها.
وأما كاد وكرب : فلمقاربة ذات الفعل ، فمن أدخل أن على أخبارهما ، فتشبيها لهما بعسى ؛ لأنها مستقبلة ، ومن لم يدخلها ، فتشبيها لهما بجعل ؛ لكثرة المقاربة ؛ ألا ترى أن معنى قولك : «كاد زيد يقوم» : قارب القيام حتى لم يبق بينه وبين الدخول فيه زمن ؛ كما أن الذين حذفوا أن من خبر عسى ويوشك شبّهوهما بكاد.
ولا تقع الأسماء موقع أخبار هذه الأفعال ـ وإن كان ذلك هو الأصل فى الكلام ـ نحو قولهم : «عسى الغوير أبؤسا» (١) ، أو فى ضرورة ؛ نحو قوله [من الرجز] :
٤٠ ـ أكثرت فى العذل ملحّا دائما |
|
لا تكثرن إنّى عسيت صائما (٢) |
وإنما رفض هنا الاسم ، وإن كان الأصل ؛ لأنّ المناسبة التى قصدوها بين هذه الأفعال وأخبارها لا تتصوّر فى الأسماء.
وقد تسدّ «أن» مع صلتها مسدّ الاسم والخبر فى «عسى» و «يوشك» ، فتقول : عسى أن تقوم ، ويوشك أن تقوم ؛ كما سدّت مسد المفعولين فى : «ظننت وأخواتها».
وقد تقدم أخبار هذه الأفعال على أسمائها / ؛ فتقول : «عسى أن يقوم زيد ، ويوشك أن يقوم عمرو» على أن يكون زيد اسم عسى ، وعمرو اسم يوشك ، وأن والفعل فى موضع الخبر.
وإذا اتصل بعسى ضمير متكلم أو مخاطب ، جاز فيها أن تبقى على وزنها ، وأن
__________________
(١) ينظر معجم الأمثال ٢ / ٣٤١.
(٢) البيت لرؤبة. والشاهد فيه مجيء خبر «عسى» ، وهو قوله «صائما» مفردا.
ينظر ديوانه ص ١٨٥ ، وخزانة الأدب ٩ / ٣١٦ ، ٣١٧ ، ٣٢٢ ، والخصائص ١ / ٨٣ ، والدرر ٢ / ١٤٩ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ٨٣ ، والمقاصد النحوية ٢ / ١٦١ ، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٢ / ١٧٥ ، وتخليص الشواهد ص ٣٠٩ ، والخزانة ٨ / ٣٧٤ ، ٣٧٦ ، والجنى الداني ص ٤٦٣ ، وشرح الأشموني ١ / ١٢٨ ، وشرح شواهد المغني ص ٤٤٤ ، وشرح ابن عقيل ص ١٦٤ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٨٢٢ ، وشرح المفصل ٧ / ١٤ ، مغني اللبيب ١ / ١٥٢ ، وهمع الهوامع ١ / ١٣٠.