باب ما ولا ولات
اعلم : أن «ما» لها شبهان : عامّ وخاصّ :
فالعامّ : شبهها بالحروف التى لا تخصّ الاسم بالدخول عليه ؛ إذ هى غير خاصّة بالاسم.
والخاصّ : شبهها بـ «ليس» فى أنها للنفى ، وأنها إن دخلت على المحتمل ، خلصته للحال ؛ كم أنّ «ليس» كذلك (١).
فبنو تميم / راعوا الشبه العام ؛ فلم يعملوها ، وأهل الحجاز ونجد راعوا الشبه الخاصّ ، فأعملوها عمل ليس ، إلا أنهم لم يعملوها عملها إلا بشروط ثلاثة (٢) :
أحدها : أن يكون الخبر غير موجب.
والآخر : ألا يتقدّم الخبر على اسمها ، وليس بظرف ولا مجرور.
والثالث : ألا يفصل بينها وبين الاسم بـ «إن» الزائدة.
فإن فقد شىء من ذلك ، رجعوا إلى اللغة التميمية (٣) ، فأما قول الفرزدق (٤)
__________________
(١) م : باب ما ولا ولات وقولى : «وأنّها إن دخلت على المحتمل خلّصته للحال كما أن ليس كذلك» مثال ذلك قولك : ما زيد قائما ، ألا ترى أن قائما من قولك : زيد قائم يحتمل الحال وغيره ، وإن كان أظهر فى الحال ، فلما دخلت ما النافية خلّصته للحال ؛ كما أن ليس كذلك ، وقد تقدم تبيين ذلك فى موضعه. أه.
(٢) م : وقولى : «إلا أنهم لم يعملوها عملها إلا بثلاثة شروط» إلى آخره ، مثال ذلك قولك : ما زيد قائما. أه.
(٣) م : وقولى : «فإن فقد شئ من ذلك رجعوا إلى اللغة التميمية» مثال ذلك قولك : ما زيد إلا قائم ، رفعت الخبر لما كان موجبا ، وكذلك أيضا ترفع الخبر فى مثل قولك : ما قائم زيد ؛ لتقدمه ، وليس بظرف ولا مجرور ، وكذلك أيضا ترفع الخبر فى مثل قولك : ما إن زيد قائم ، لفصلك بينها وبين الاسم بإن الزائدة. أه.
(٤) همام بن غالب بن صعصعة التيمي الدارمي ، أبو فراس ، الشهير بالفرزدق : شاعر ، من النبلاء ، من أهل البصرة ، عظيم الأثر في اللغة ، كان يقال : لو لا شعر الفرزدق لذهب ثلث اللغة ، ولو لا شعره لذهب نصف أخبار الناس يشبه بزهير بن أبي سلمى. وكلاهما من شعراء الطبقة الأولى : زهير في الجاهليين ، والفرزدق في الإسلاميين ، وهو صاحب الأخبار مع جرير والأخطل ، ومهاجاته لهما أشهر من أن تذكر. كان شريفا في قومه وفي شرح نهج البلاغة : كان الفرزدق لا ينشد بين يدى الخلفاء إلا قاعدا وقد جمع بعض شعره في ديوان ،