فاعلا فى المعنى ؛ نحو قولك : «أعطيت زيدا درهما» ؛ ألا ترى : أنّ زيدا أخذ الدراهم.
وإمّا أن يصل لأحدهما بنفسه ، وإلى الآخر بحرف الجرّ ، وهو كل فعل يطلب مفعولين إلا أنّ طلبه لأحدهما على معنى حرف من حروف الخفض ؛ نحو قولك : «اخترت من الرجال زيدا» ، ويجوز فى هذين النوعين حذف المفعولين أو أحدهما اختصارا أو اقتصارا.
ومن الاقتصار : قوله تعالى : (فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى) [الليل : ٥] ، ولا يجوز حذف حرف الجر ووصول الفعل إليهما بنفسه إلا فيما سمع ، وممّا سمع ذلك فيه : اختار ، واستغفر ، وأمر ، وسمى ، وكنى ، ودعا ، بمعنى : سمّى ، قال : [من الطويل]
٧٠ ـ دعتنى أخاها أمّ عمرو ، ولم أكن |
|
أخاها ، ولم أرضع لها بلبان (١) |
أى : سمّتنى أخاها.
والمتعدّى إلى ثلاثة هو : أعلم إذا لم تكن بمعنى : عرّف (٢) ، وأرى بمعناها ، وأنبأ ، ونبّأ ، وأخبر ، وحدّث إذا ضمنت معنى أعلم ، ويجوز فى هذه / الأفعال حذف المفعولات الثلاثة اقتصارا واختصارا.
أمّا حذف اثنين منها أو واحد ، فجائز اختصارا ، وغير جائز اقتصارا (٣) ، ويكون
__________________
(١) البيت : لعبد الرحمن بن الحكم.
اللبان : الرضاع
الشاهد : قوله : «دعتنى أخاها» حيث تعدى الفعل «دعا» الذي بمعنى سمّى إلى مفعولين ، وهما الياء في «دعتنى» وقوله : «أخاها».
ينظر : البحر المحيط ٦ / ٢١٩ ، تخليص الشواهد ٣٣٧ ، شرح جمل الزجاجي ١ / ٣٠٦ شرح المفصل ٦ / ٢٧ ، معجم شواهد العربية ٣٩٧ ، وبلا نسبة في تخليص الشواهد ٤٤٠.
(٢) م : وقولى : «هو أعلم إذا لم تكن بمعنى عرّف» إنما اشترطت ذلك ؛ لأنها إذا كانت بمعنى عرف تعدت إلى مفعولين ، ومثال ذلك : أعلم الله زيدا عمرا خير الناس ، وكذلك تفعل بسائر أخواتها. أه.
(٣) م : وقولى : «وغير جائز اقتصارا» إنما لم يجز ذلك ؛ لأنك إذا قلت : أعلمت زيدا ، لم تدر هل هى المتعدية إلى ثلاثة ، فيكون المحذوف منها اثنين ، أو التى بمعنى عرف ؛ فيكون المحذوف واحدا إذ هو حذف من غير دليل ؛ فلا يعلم قدر ما حذف ، وسائر أفعال هذا الباب محمولة