باب المنصوبات
الّتى يطلبها جميع الأفعال على غير اللّزوم
وهى : المفعول معه ، والمفعول من أجله.
فأما المفعول معه : فهو الاسم المنتصب بعد الواو التى بمعنى «مع» ، المضمّن معنى المفعول به ؛ وذلك نحو قولك : ما صنعت وأباك ، ألا ترى أن الواو بمعنى «مع» ، والأب فى المعنى مفعول به ؛ كأنك قلت : ما صنعت بأبيك ، ولو لم ترد هذا المعنى ، لكان الاسم الذى بعد الواو معطوفا على الاسم الذى قبله.
وانتصابه بالفعل الظاهر المتقدّم عليه بوساطة الواو ، وصحّ له العمل فيه مع توسّطها بينهما ؛ لأنّها حرف عطف فى الأصل ، فعمل الفعل فيما بعدها ؛ كما عمل فيما بعد حرف العطف.
والدّليل على أنّها عاطفة فى الأصل : أنّها لا تقع إلا فى الأماكن التى يمكن أن تكون فيها عاطفة على جهة الحقيقة ، أو المجاز.
واختلف فى قوله تعالى : (فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ ...) [يونس : ٧١] فحمل قوم ، «وشركاءكم» على أن يكون مفعولا معه ، وحمله قوم على أن يكون معطوفا على مفعول : «أجمعوا» ، وحمله آخرون على أن يكون منصوبا بفعل مضمر ، والتقدير : وأجمعوا شركاءكم.
والأول من هذه الوجوه هو الأظهر.
ولكون الواو التى هى بمعنى : «مع» عاطفة فى الأصل ، لم يجز تقديم المفعول معه ، على العامل ، وإن كان متصرّفا ؛ كما لا يجوز تقديم المعطوف عليه ؛ ولذلك ـ أيضا ـ لم يجز توسيطه بين الفعل والفاعل (١) ، وإن كان ذلك جائزا فى المعطوف بالواو ؛ لأنّ الفروع لا يتصرّف فيها كما يتصرّف فى الأصول.
ومسائل هذا الباب تنقسم أربعة أقسام :
قسم يتساوى فيه أن يكون الاسم مفعولا معه ، وأن يكون معطوفا على / ما تقدّم ؛
__________________
(١) م : باب المفعول معه قولى : «ولا يجوز توسط المفعول معه» أعنى : أنه لا يقال : استوى والخشبة الماء. أه.