الحركة العلمية
بدأت النهضة العلمية منذ وطئت أقدام المسلمين أرضها ، فكان للفتح الإسلامي الفضل فى تغيير وجه الحياة فيها ، بل وفى أوربا كلها التى كانت ترزح تحت وطأة الظلم والظلام.
ومعلوم أن الإسلام يقدر العلم ، ويرفع درجة العلماء ؛ لذلك جاء إلى الأندلس متضمنا دعوته إلى العلم ، مرغبا فيه ، وقد تهيأت له أرض خصبة فى هذه البلاد ؛ حيث وجد حكاما يعشقون العلم ويقدرون العلماء ويشجعون على الإبداع.
واستمرت هذه النهضة إلى آخر وجود المسلمين فى الأندلس ، بل إن الأوربيين استفادوا استفادات عظيمة مما خلفه المسلمون من تراث علمى ، وإلى الآن.
وقد ازدهرت فى الأندلس علوم شتى وفنون مختلفة ، ومن العلوم التى استحوذت على اهتمام العامة والخاصة وانتشرت انتشارا واسعا :
(١) علم النحو.
(٢) علم القراءات.
(٣) علم التفسير.
علم النحو :
النحو : هو مجموعة من القواعد التى تلتزم بها أساليب اللغة فى طرق أدائها للمعانى ، أو كما عرفه ابن جنى «انتحاء سمت كلام العرب فى تصرفه من إعراب وغيره كالتثنية والجمع والتحقير والتكسير والإضافة والنسب والتركيب ، وغير ذلك ؛ ليلحق من ليس من أهل العربية بأهلها فى الفصاحة فينطق بها ، وإن لم يكن منهم ، وإن شذ بعضهم عنها رد به إليها» (١).
وقد ارتبط علم النحو فى نشأته وتطوره بالقرآن الكريم ، فقد مرّ بمراحل متعاقبة كانت فى البداية سريعة ، وذلك بسبب ارتباطه بضبط القرآن والحديث ، حتى يظلا بمنجاة من اللحن والتحريف مما جعله فى حقيقة الأمر من ثمرات الدراسة القرآنية (٢).
__________________
(١) الخصائص ١ / ٣٤.
(٢) مجلة الدارة السعودية «العقد الأول» ، السنة الثانية ، شوال ١٤٠٦ ه ـ ١٩٨٦ م ص ١٧ ، من مقال للدكتور عبد الكريم محمد الأسعد.