وإن كان اسم جنس ، جاز دخول «من» عليه ، ولم يجز تثنيته ولا جمعه ، إلا فى باب : نعم ، وبئس ؛ فإنّه يكون على حسب الممدوح ، أو المذموم من إفراد أو تثنية ، أو جمع ، فتقول : «نعم رجلا زيد ، ونعم رجلين الزّيدان ، ونعم رجالا الزيدون» ، ولا يجوز دخول «من» عليه ، إلّا فى ضرورة شعر ، أو شذوذ من الكلام.
والمنتصب عن تمام الاسم : لا يجىء إلا بعد عدد ، نحو : عشرين درهما ، أو مقدار ، أو شبيه به ، والمقادير ثلاثة أنواع :
مكيلات ، وموزونات ، وممسوحات ؛ نحو : كرّبرا ، أو رطل سمنا ، وذراع ثوبا ، وما فى السماء موضع راحة سحابا ، وعليه شعر كلبين ذنبا.
وقد يجىء فى غير المقادير ؛ ومن ذلك قولهم : لى مثله رجلا ، فنصبوا رجلا ؛ لحجز الإضافة بينه وبين «مثل».
وإن لم يكن ممّا تقدّم من المقادير ؛ ومن ذلك قول الأعشى [مجزوء الكامل] :
١٠٢ ـ بانت لتحزننا عفاره |
|
يا جارتا ما أنت جاره (١) |
نصب على التمييز ؛ بدليل دخول «من» على مثله ؛ فى قول الآخر [من السريع] :
١٠٣ ـ يا سيّدا ما أنت من سيّد |
|
موطّأ الأكناف رحب الذّراع (٢) |
__________________
(١) الشاهد : فيه قوله : «جارة» ؛ حيث وقع تمييزا لا حالا بدليل دخول «من» عليه في بعض الشواهد ؛ كما سيتضح ذلك في الشاهد الذي يليه. ويروى البيت بجعل الصدر عجزا والعجز صدرا.
ينظر : ديوانه ص ٢٠٣ ، وخزانة الأدب ٣ / ٣٠٨ ـ ٣١٠ ، ٥ / ٤٨٦ ، ٤٨٨ ، ٧ / ٢٥٠ ، ٩ / ٢٤٠ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ١٩٣ ، ولسان العرب (بشر) ، (جور) ، (عفر) ، والمقاصد النحوية ٣ / ٦٣٨ ، وبلا نسبة في رصف المباني ص ٤٥٢ ، وشرح الأشموني ١ / ٢٥٢ ، وشرح شذور الذهب ص ٣٣٥ ، وشرح ابن عقيل ص ٣٤٧ ، وشرح عمدة الحافظ ٤٣٥ ، والصاحبي في فقه اللغة ص ١٧١.
(٢) البيت للسفاح بن بكير بن معدان اليربوعي من قصيدة يرثي بها يحيى بن شداد بن ثعلبة بن بشر أحد بني ثعلبة ونسب لرجل من بني مريع يرثي بها يحيى بن ميسرة.
موطأ البيت : بيته مذلل للأضياف.
الرحيب : الواسع ، والمعنى أنه واسع البسيطة كثير العطاء سهل لا حاجز دونه.
وفي البيت شاهدان : الأول : قوله : «من سيد» ؛ حيث إن دخول «من» في هذه العبارة يدل على أن النكرة الواقعة بعدها تمييز لا حال ؛ إذ التمييز على معنى «من» ، أما الحال فهو على معنى «في».