بسم الله الرّحمن الرّحيم
مقدمة التحقيق
إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، من يهد الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران : ١٠٢].
(يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَبَثَّ مِنْهُما رِجالاً كَثِيراً وَنِساءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ إِنَّ اللهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) [النساء : ١].
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً) [الأحزاب : ٧٠ ـ ٧١].
أما بعد :
فإن علم العربية من أجل العلوم قدرا وأرفعها شأنا ؛ إذ به يتوصل إلى معرفة كلام الله تعالى وكلام رسوله صلّى الله عليه وسلّم فاللغة العربية وما تشتمل عليه من بيان لمعنى المفردات وإعراب الكلمات وغير ذلك ـ تعد من أهم الأركان التي يعتمد عليها المفسر لكتاب الله تعالى ؛ إذ القرآن عربي قال تعالى : (كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) [فصلت : ٣] وقال تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) [يوسف : ٢].
ولقد تحدث القلقشندي في كتابه صبح الأعشى (١) عن فضل اللغة العربية فقال : «أما فضلها : فقد أخرج ابن أبى شيبة بسنده إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه أنه قال : «تعلّموا اللّحن والفرائض فإنّه من دينكم» قال يزيد بن هارون : «اللّحن هو اللّغة». ولا خفاء أنها أمتن اللغات وأوضحها بيانا ، وأذلقها لسانا ، وأمدها رواقا ، وأعذبها مذاقا ، ومن ثمّ اختارها الله تعالى لأشرف رسله ، وخاتم أنبيائه ، وخيرته من خلقه ، وصفوته من بريّته ، وجعلها لغة أهل سمائه وسكان جنته ، وأنزل بها كتابه المبين الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
__________________
(١) ينظر صبح الأعشى ١ / ١٤٨.