لأن المخبر قد لا تحضره أسماء هذه الأماكن ، فى حين واحد فما سبق إلى ذكره أتى به أولا ، وما تأخّر فى ذكره ، عطفه بالفاء.
وأمّا ثم ، فللجمع والمهلة (١) ، وحتّى بمنزلة الواو ، إلا أنّها تفارقها فى أنّ ما بعدها لا يكون إلا جزءا ممّا قبلها (٢) ، أو ملتبسا به ؛ نحو قولك : «خرج النّاس حتّى دوابهم».
ولا يكون إلا عظيما أو حقيرا (٣).
وأمّا أو ، فلها خمسة معان (٤) : «الشّكّ» ، و «الإبهام» ، و «التّخيير» ، و «الإباحة» ، و «التّفصيل» ؛ نحو قوله تعالى : (وَقالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى) [البقرة : ١٣٥].
__________________
من منازل فرتنى ، وهو بفتح الفاء وسكون الراء وبعدها تاء مفتوحة يليها نون ، قال في الصحاح. «هو مقصور وهو اسم امرأة. والعرب تسمى الأمة فرتنى». والفوارع : جمع فارعة ، قال في الصحاح : «وفارعة الجبل : أعلاه. وتلاع فوارع : مشرفات المسايل». وأريك بفتح الهمزة وكسر الراء ، قال البكري في معجم ما استعجم : «وهو موضع في ديار غنى بن يعصر». وأنشد هذا البيت ، ثم قال : «وقال أبو عبيدة : أريك في بلاد ذبيان قال : وهما أريكان : أريك الأسود ، وأريك الأبيض. والأريك : الجبل الصغير. وقال الأخفش : إنما سمى أريكا ، لأنه جبل كثير الأراك». والتلاع بالكسر : مجاري الماء إلى الأودية ، وهي مسايل عظام. والدوافع : تدفع الماء إلى الميث ، والميث يدفع إلى الوادي الأعظم. كذا في الشرح.
والشاهد فيه مجىء الفاء لمطلق الجمع أي للترتيب اللفظي الذّكرى.
ينظر : ديوانه ص ٣٠ ، وجمهرة اللغة ص ٤٨٠ ، والجنى الداني ص ٦٣ ، وخزانة الأدب ٢ / ٤٥١ ، ولسان العرب (تلع) ، (أرك) ، (حسم) ، (فرتن) وبلا نسبة في خزانة الأدب ٨ / ٤٥١ ، ورصف المباني ص ٣٧٧ ، ٤٣٥.
(١) م : وقولى : «وأما ثم فللجمع والمهلة» مثال ذلك : قام زيد ثم عمرو : إذا أردت أن قيام عمرو وقع بعد قيام زيد بزمان. أه.
(٢) م : وقولى : «إلا أنها تفارقها فى أنّ ما بعدها لا يكون إلا جزءا مما قبلها» مثال ذلك : قام القوم حتى زيد. أه.
(٣) م : وقولى : «ولا يكون إلا عظيما أو حقيرا» مثال ذلك قولك : خرج الناس حتى الأمير ، واستنت الفصال حتى القرعى ، وهى التى أصابها القرع ، وهو جدرى الفصال. أه.
(٤) م : وقولى : «وأما أو فلها خمسة معان» إلى آخره ، مثال الشك قولك : قام زيد أو عمرو ، إذا كنت لا تعلم القائم منهما ومثال الإبهام قوله تعالى : (أَتاها أَمْرُنا لَيْلاً أَوْ نَهاراً) [يونس : ٢٤] فأبهم متى يأتيها أمره على المخاطب ، واستأثر بعلم ذلك سبحانه ، ومثال التخيير قولك : خذ من مالى دينارا أو ثوبا ، ومثال الإباحة قولك : جالس الحسن أو ابن سيرين ؛ ألا ترى أنه أباح له أن يجالسهما أو يجالس أحدهما ، وليس له مثل ذلك فى التخيير. أه.