وبلغ من علمه فى النحو أن جعله القاضى ناصر الدين ابن المنير خاتم علماء النحو حين رثاه قائلا :
أسند النحو إلينا الدؤلى |
|
عن أمير المؤمنين البطل |
بدأ النحو علىّ ، وكذا |
|
قل بحقّ : ختم النحو على (١) |
ويذكر ابن سعيد المدلجىّ أن شيخه ابن عصفور انتهت إليه علوم ، وعليه الإحالة الآن فى المشرق والمغرب (٢).
غير أنه وبالرغم من ذلك حاول بعض الأندلسيين الغض من ابن عصفور والتقليل من شأنه ؛ فابن الزبير ينفى عنه أن يكون ذا معرفة بغير علوم العربية (٣) وابن مالك «صاحب الألفية» يصمه بالجهل وعدم الضبط والإتقان وكثرة الخطأ وابن الحاج وأبو العباس «أحمد بن محمد الإشبيلي» وهو معاصر لابن عصفور ، يتهمه بأنه يسيء فهم كتاب سيبويه وتفسيره (٤) وأبو حيان الذى عنى بالممتع والمقرب والشرح الكبير لا يألو جهدا فى تعقب ابن عصفور ونقده والغض منه وقد أورد عليه تعليقات كثيرة (٥). وقد عرض المقريّ لبعض تلك الأقوال فوصفها بأن فيها كثيرا من التخليط والتعسف ، ثمّ أنشد قائلا :
وفي تعب من يحسد الشمس نورها |
|
ويأمل أن يأتي لها بضريب (٦) |
وللحق نقول : إن هذه الأقوال ـ على ما فيها من حق أو باطل ـ لا تنال من منزلة ابن عصفور ، أو تنقص من قدره فى تاريخ النحو العربى ، بل إن له قدما راسخة تشهد لها كثرة مصنفاته فى فن النحو والصرف ، وشهرته التى طبقت الآفاق قديما وحديثا.
تذكر كتب التراجم أن ابن عصفور أخذ عن اثنين هما :
__________________
(١) بغية الوعاة ٢ / ٢١٠.
(٢) نفح الطيب ٣ / ١٨٤.
(٣) انظر بغية الوعاة ٢ / ٢١٠.
(٤) اختصار القدح المعلى ص ٩٦ ، وبغية الوعاة ١ / ٣٦٠.
(٥) ينظر : البحر المحيط ٢ / ٣٦٢ ، ٣٦٣.
(٦) نفح الطيب ٤ / ١٤٨.