وبدل بداء ، وهو أن تبدل لفظا تريده من لفظ أردته أوّلا ، ثم أضربت عنه ؛ ومنه قوله ـ عليه السّلام ـ : «إنّ الرّجل ليصلّى الصّلاة وما كتب له نصفها ثلثها إلى العشر» (١).
كأنّه قال : بل ما كتب له ثلثها.
وبدل الغلط ، وهو أن تبدل لفظا تريده من لفظ سبق إليه لسانك ، وأنت لا تريده.
وبدل نسيان ، وهو أن تبدل لفظا تريده من لفظ توهّمت أنّه المراد وليس كذلك ؛ وذلك نحو قولك : «ضربت زيدا عمرا».
فذكرت زيدا غالطا وناسيا ، ثم أتيت بالمراد ، وهو عمرو ، إلّا أنّ هذين الضربين ، لم يرد بهما سماع ، فأمّا قوله [من البسيط] :
١٩١ ـ لمياء فى شفتيها حوّة لعس |
|
وفى اللّثات وفى أنيابها شنب (٢) |
فيتخرّج على أن يكون لعس مصدرا وصف به حوّة على حدّ قولهم : «رجل عدل» أى : حوّة لعساء.
والحوّة ، السّواد الخالص ، واللّعس سواد تشوبه حمرة.
ويشترط فى بدل الاشتمال وبدل البعض من الكلّ ، أن يكون فى البدل ضمير يعود على المبدل منه ، وقد يجىء محذوفا لفهم المعنى ؛ وذلك قليل جدا ؛ نحو قوله تعالى : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) [آل عمران : ٩٧] ، التقدير : منهم.
__________________
(١) حسن أخرجه أحمد ٤ / ٣١٩ ، وأبو داود ١ / ٢١١ : كتاب الصلاة : باب ما جاء في نقصان الصلاة ، رقم ٧٩٦ ، والنسائي في السنن الكبرى ١ / ٢١١ ، كتاب السهو : باب في نقصان الصلاة ، رقم ٦١١ ، ٦١٢ ، وابن حبان في صحيحة ٥ / ٢١٠ ، ٢١١ (الإحسان) ، رقم ١٨٨٩ ، والبيهقي في «السنن الكبرى» ٢ / ٢٨١ ، كتاب الصلاة باب جماع أبواب الخشوع في الصلاة والإقبال عليها ، من حديث عمار بن ياسر ، رضي الله عنه.
وفي البيهقي أيضا عن أبي هريرة رضي الله عنه ، نحوه.
(٢) البيت لذى الرمة.
والشاهد فيه قوله : «حوة لعس» حيث جاء «لعس» بدل غلط من «حوة» ، وتأوّله بعضهم بأنه من باب التقديم والتأخير ، والتقدير : في شفتيها حوة ، وفي اللثات لعس ، وفي أنيابها شنب.
ينظر : ديوانه ص ٣٢ ، والخصائص ٣ / ٢٩١ ، والدرر ٦ / ٥٦ ، ولسان العرب (شنب) ، (لعس) ، (حوا) ، والمقاصد النحوية ٤ / ٢٠٣ ، وهمع الهوامع ٢ / ١٢٦ ، وبلا نسبة في شرح الأشموني ٢ / ٤٣٨.