«كتاب المقرب»
يعتبر كتاب المقرب من أبرز آثار ابن عصفور ، ألفه بعد ما طاف المشرق والمغرب في طلب علم النحو وبعد أن سبر أغواره ، وخبر مسائله ، وتمرس على علمائه. ونهل عن موارده ، ألفه فجاء كتابا شاملا زائدا كاملا فريدا في بابه ، فهو ـ كما يقول ابن عصفور نفسه ـ : «تأليف منزه عن الإطناب الممل والاختصار المخل ، محتو على كلياته ، مشتمل على فصوله وغاياته ، عار عن إيراد الخلاف والدليل ، مجرد أكثره من التوجيه والتعليل ، ليشرف الناظر فيه على جملة العلم في أقرب زمان ويحيط بمسائله في أقرب مكان».
وقسم ابن عصفور كتابه إلى قسمين :
الأول : أحكام الكلم بعد التركيب وأحكامه قبل التركيب.
فأما أحكامه بعد التركيب فقد جاء في قسمين :
قسم الإعراب ، ويشمل المرفوعات والمنصوبات والمجرورات ، والتوابع والفعل المضارع.
والقسم الثاني قسم البناء ، ويشمل البناء على الحكاية والعدد وكناياته والإدغام ومخارج الحروف والوقف.
وأما الأحكام التي تكون قبل تركيب الكلام فهي قسمان أيضا :
أحدهما يشمل باب التصغير وجمع التكسير والمصادر وأسماء الفاعلين والمفعولين وحروف الزيادة ، والثاني يشمل القلب والحذف والنقل ، وختم الكتاب بباب الضرائر.
ومعنى هذا أن المقرب ليس كتابا في النحو فقط ، بل كتاب نحو وصرف وأصوات وأدب كذلك.
ولما خرج كتاب المقرب إلى الوجود جذب انتباه النحاة لترتيبه الجميل وما فيه من علم واسع ، وقد كان أن تكلم فيه العلماء ، وكان كلامهم فيه إما تأييدا وإعجابا ، أو نقدا وحقدا.