وبيانه حكم كل حالة ، وهو ما لا يوجد كثيرا في كتب النحاة.
ثالثا : تقديم ملخص لما يذكره في الباب في بدايته ، من ذلك مثلا قوله في أول باب ما لم يسم فاعله «يحتاج في هذا الباب إلى معرفة خمسة أشياء : الأفعال التي يجوز بناؤها للمفعول ، وكيفية بنائها ، والسبب الذي لأجله يحذف الفاعل ، والمفعولات التي تقام مقام الفاعل ، والأولى منها بالإقامة إذا اجتمعت» ومضى يبين ذلك كله.
رابعا : أنه لم يكن يتعرض لذكر المذاهب والآراء ، فقد كان يسرد المسائل سردا ، وجلّها على مذهب البصريين ، وما ارتضاه إمامهم سيبويه ، ولم يكن يذكر مذهبا مخالفا أو رأيا خرج عن الأشهر.
خامسا : حسن التقسيم والتنظيم ، والتقسيم والتنظيم سمة عامة من سمات ابن عصفور في كل مؤلفاته ؛ يفعل ذلك للتسهيل وتقريب المسائل إلى الأذهان ، وبغية الضبط وحصر الموضوعات ؛ ولذلك جاءت كتبه وافية بالمطلوب ، وكتاب «المقرب» في تقسيم أبوابه وتنظيمها ، وفي تقسيم الأبواب في ذاتها خير دليل على حسن التقسيم والتنظيم.
سادسا : حسن التعليل ؛ حيث كان يعلل لكل مسألة يذكرها ، من ذلك تعليله لعمل «ما» عمل ليس عند أهل الحجاز وإهمالها عند بني تميم ، ومنه ـ أيضا ـ تعليله جواز الإعمال والإلغاء في (إن) المخففة من الثقيلة.
وهذه سمة عامة في كتبه ، وتكثر التعليلات في كتبه الواسعة المطولة كـ «شرح الجمل».
سابعا : توضيح المعاني اللغوية وإبرازها ، فقد كان ابن عصفور يتتبع الكلمة ويعرف بمعناها ، ويستطرد في بيان استعمالاتها ، ومن ذلك ـ مثلا ـ معاني الأسماء الموصولة ، ومعاني حروف الجر ، ومعاني كان وأخواتها ، وهكذا.
ثامنا : كثرة الآراء المستقلة ، حيث كان ابن عصفور في كثير من آرائه ذا شخصية مستقلة ، فهو لم يتبع سيبويه في إعراب المثنى وجمع المذكر السالم بالحركات المقدرة ، ولا الكوفيين في الإعراب بالحروف ، وإنما ذهب إلى أن الرفع ببقاء اللفظ على ما هو عليه ، وأن النصب والجر بالتغير والانقلاب. ومسائل أخرى كثيرة من هذا القبيل.