تاسعا : كثرة الاستشهاد بالشعر ، فقد أكثر من الاستشهاد بالشعر وكلام العرب ، حتى أربت شواهده في المقرب على أربعمائة بيت من الشعر والرجز ، أما شواهده الأخرى من كلام العرب فهي قليلة ، وكذلك في الحديث الشريف ، وتوسط في الاستشهاد بالقرآن الكريم.
كان للمقرب تأثير كبير في النحاة بعده ، حيث تسربت آراء ابن عصفور فيه إلى مؤلفاتهم ، تأييدا ومعارضة ؛ فأبو حيان يعني بمؤلفات ابن عصفور ، وخاصة المقرب ، فلا تجد صفحة تخلو في كتاب «ارتشاف الضرب» من ذكر ابن عصفور ، وما فعله أبو حيان فعله غيره من النحاة من أمثال : ابن مالك وابن هشام والسيوطي.
ونسوق نماذج قليلة من نقول النحاة من كتاب «المقرب» وحده ، فضلا عن «شروح الجمل» وكتبه الأخرى.
ـ في شرح الكافية الشافية لابن مالك يقول : «من النحويين من يرى بقاء عمل ما إذا تقدم خبرها ، وكان ظرفا أو جارا ومجرورا ، وهو اختيار أبي الحسن بن عصفور (٢).
وفي شرح التسهيل لابن مالك أيضا يقول : «وأطلق ابن عصفور القول في تثنية ذو وذوات وجمعهما ، وأظن حامله على ذلك قولهم : ذات وذوات ، بمعنى التي واللاتي» (٣).
وفي ارتشاف الضرب لأبي حيان يقول في حديث عن اسم الفاعل عند إضافته : «وإن كان مقرونا بـ «أل» وهو مثنى أو مجموع بـ «واو ونون» ، فقال ابن عصفور يجوز في البدل من المضاف إليه والمعطوف الخفض على اللفظ والنصب على الموضع ، تقول : هذان الضاربا زيد أخيك وعمرو بالوجهين» (٤).
وفي «تمهيد القواعد شرح تسهيل الفوائد» (٥) قال ناظر الجيش : «قال ابن عصفور
__________________
(١) ينظر شرح المقرب ص ١٥.
(٢) الشافية ١ / ٤٣٢.
(٣) شرح التسهيل ١ / ٢٢٣.
(٤) ارتشاف الضرب ٣ / ١٨٨.
(٥) تمهيد القواعد ١١ / ٤٥٢.