وأبدلت من الذال فى ذكر جمع ذكرة لا غير ، فقالوا : «دكر» ؛ قال ابن مقبل (١) [من البسيط] :
٣٢٩ ـ يا ليت لى سلوة تشفى النّفوس بها |
|
من بعض ما يعترى قلبى من الدّكر (٢) |
وأمّا الطاء ، فأبدلت من التاء لا غير ، إلا أنّها تبدل منها بقياس على اللزوم فى افتعل ، ممّا فاؤه صاد أو ضاد أو طاء أو ظاء ؛ فتقول فى : «افتعل» من الضّرب ، والصّبر ، والظّهر ، اضطرب ، واصطبر ، واظطهر (٣) ؛ وكذلك تبدل منها ، إذا كانت الفاء ظاء ، إلا أن ذلك من قبيل البدل الذى يكون بسبب الإدغام ؛ فتقول فى : افتعل من الطّرد : اطّرد ، لمّا أبدلت التاء طاء فى : اطّرد ، اجتمع لك مثلان (٤) ؛ فأدغمت.
وتبدل منها بغير قياس ، إذا كانت ضميرا ، وقد وقعت بعد هذه الحروف ، فقالوا : فحصط ، وحفظط ، وحضضط ، وحبط ، والأصل : فحصت ، وحفظت ، [وحضضت] ، وحبطت ؛ وهو أكثر استعمالا.
وأما الواو فأبدلت من ثلاثة أحرف ، وهى : الهمزة والألف ، والياء ، [إلا أن إبدالها من](٥) الألف والياء ، إنّما يذكر فى باب القلب ، فتبدل من الهمزة المنفردة بقياس من غير لزوم ، إذا وقعت بعد واو زائدة للمدّ / حركة ما قبلها من جنسها ، وكانتا فى كلمة واحدة ؛ فتقول : مقروّ فى : مقروء ، فإن لم تكن كذلك ، جاز أن تبدل منها الواو ، فتقول : ضوّ ، والأحسن ألا تبدل ؛ بل تلقى حركة الهمزة على
__________________
(١) تميم بن أبىّ بن مقبل ، من بني العجلان ، من عامر بن صعصعة ، أبو كعب : شاعر جاهلي ، أدرك الإسلام وأسلم ، فكان يبكي أهل الجاهلية ، عاش نيفا ومائة سنة ، وعدّ في المخضرمين ، وكان يهاجي النجاشي الشاعر. له ديوان شعر ورد فيه ذكر وقعة صفين سنة ٣٧ ه.
ينظر : خزانة البغدادي ١ / ١١٣ ، الأعلام ٢ / ٨٧ ، وسمط اللآلي ٦٦ ـ ٦٨ ، والإصابة ١ / ١٩٥.
(٢) الشاهد في قوله : الدكر يريد الذكر ، فقلب الذال دالا.
ينظر : ديوانه (٨١) ، الخصائص ١ / ٣٥١ ، سر صناعة الإعراب ١ / ١٨٨ ، الممتع في التصريف (١ / ٣٥٩) ، المنصف (٣ / ١٤٠).
(٣) في أ: اضطهر.
(٤) في أ: المثلان.
(٥) في ط : لأنّ إبدالها إن.