باب الضّرائر
اعلم : أنّه يجوز فى الشعر وما أشبهه من الكلام المسجوع ما لا يجوز فى الكلام غير المسجوع ، من ردّ فرع إلى أصل ، أو تشبيه غير جائز بجائز اضطرّ إلى / ذلك ، أو لم يضطرّ إليه ؛ لأنه موضع قد ألفت فيه الضرائر (١).
وأنواعها منحصرة فى الزّيادة ، والنقص ، والتّقديم ، والتأخير ، والبدل :
فالزّيادة تنحصر فى زيادة حرف ؛ نحو تنوين الاسم غير المنصرف ، إذا لم يكن آخره ألفا ، ردّ إلى أصله من الانصراف ؛ نحو قوله تعالى : (قَوارِيرَا قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوها تَقْدِيراً) [الإنسان : ١٥ ، ١٦] فى قراءة من صرف الأول منهما ، ونحو قول أميّة بن أبى الصّلت (٢) [من الخفيف] :
__________________
(١) م : باب الضرائر
قولى : «اضطر فى ذلك ولم يضطر ؛ لأنه موضع قد ألفت فيه الضرائر» مثال تجويزهم فيه مالا يجوز فى الكلام من غير اضطرار قوله [من الرمل] :
كم بجود مقرف نال العلا |
|
وكريم بخله قد وضعه |
تقدم في المقرب برقم (٢٤٥).
ففصل بين «كم» وما أضيف إليه بالمجرور من غير اضطرار إلى ذلك إذ له أن ينصب أو يرفع ويجعل «كم» واقعة على المرار ؛ كأنه قال : كم مرة مقرف نال العلا بجوده ، وقد يروى البيت بثلاثة أوجه ، وأما تجويزهم ذلك فيه عند الاضطرار فعليه أكثر الضرائر. أه.
[قال المصنف في أخر كتاب «مثل المقرب»] تم الكتاب بحمد الله وعونه وحسن توفيقه وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وأزواجه وذريته وسلم تسليما كثيرا. أه.
(٢) أمية بن عبد الله أبي الصلت بن أبي ربيعة بن عوف الثقفي : شاعر جاهلي حكيم. من أهل الطائف. قدم دمشق قبل الإسلام. وكان مطلعا على الكتب القديمة يلبس المسوح تعبدا. وهو ممن حرموا على أنفسهم الخمر ونبذوا عبادة الأوثان في الجاهلية. ورحل إلى البحرين فأقام ثماني سنين ظهر في أثنائها الإسلام ، وعاد إلى الطائف ، فسأل عن خبر محمد بن عبد الله صلّى الله عليه وسلّم فقيل له : يزعم أنه نبي. فخرج حتى قدم عليه بمكة وسمع منه آيات من القرآن ، وانصرف عنه ، فتبعته قريش تسأله عن رأيه فيه. فقال : أشهد أنه على الحق ، قالوا : فهل تتبعه؟ فقال : حتى أنظر في أمره. وخرج إلى الشام. وهاجر رسول الله إلى المدينة ، وحدثت وقعة بدر ، وعاد أمية من الشام ، يريد الإسلام ، فعلم بمقتل أهل بدر وفيهم ابنا خال له ، فامتنع. وأقام في الطائف إلى أن مات (سنة ٥ ه).