بسم الله الرحمن الرحيم (١)
الحمد لله الذى لم يستفتح بأفضل من اسمه كلام ، ولم يستنتج بأجمل من صنعه مرام ، جاعل النّطق أفضل الصفات البشرية ، والسّبل المؤدّية إلى معرفة العلوم الشرعيّة والعقليّة.
أحمده سبحانه كما يجب لجلاله ، وأصلّى على سيدنا محمّد ـ صلّى الله عليه وعلى آله ـ ورضى الله عن الإمام المعصوم ، المهدىّ المعلوم ، الذى أطلع كوكب العدل وقد كان خافيا ، وأوضح مذهبه وقد كان عافيا. وعن أصحابه الهادين ، وعن الخلفاء الراشدين من بعده والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين ، وبعد.
فلما كان علم العربيّة من أجلّ العلوم قدرا ، وأعظمها خطرا ؛ إذ به تقوم للإنسان ديانته فتتم صلاته وتصحّ قراءته ، وكانت أكثر الموضوعات فيه لا تبرد غليلا ، ولا تحصّل لطالبه مأمولا ، وأنها بين مطوّلة قد أسرف فيها غاية الإسراف ، ومختصرة قد أجحف
__________________
(*) [قال ابن عصفور في مثل المقرب] : بسم الله الرحمن الرحيم ـ رب يسر يا كريم
الحمد لله بارئ النسم ، ومانح القسم ، المتطول على الإنسان باللسان ، المميز له عن سائر الحيوان بالبيان ، والصلاة على نبيه محمد هادى الأمم ، ورسوله إلى العرب والعجم ، محمد المجتبى من ولد معد بن عدنان ، المبعوث بالحنيفية السمحة الناسخة لغيرها من الأديان ، وعلى آله وصحبه الكرام أيمان الإيمان وأعلام الإسلام ، ورضى الله عن الإمام المعصوم ، المهدى المعلوم ، مظهر معالم الدين بعد خفائها ، وموضحها بعد عفائها ، وعن أصحابه الهادين المهتدين ، وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد : فإننى لما سلكت فى كتابى «المقرب» مسلك الاختصار فتركت كثيرا من تمثيل مسائله خوف الإكثار ، فلحق بعض ألفاظه بسبب ذلك إيهام ، واستعجم المعنى المراد به بعض استعجام ، فأشار من مناقبه أعلى من أن يسمو إليها المدح والصفة ، ومفاخره أعظم من أن يحيط بها الإدراك والمعرفة ، الأمير الحميد الشّيم أبو يحيى ابن مولانا الهمام المعلى لواء الإسلام ، المرتدى برد الإعظام ، الأمير الأجل الأوحد المظفر المؤيد الأسعد ، أبو زكريا ابن الشيخ المقدس المجاهد أبى محمد ابن الشيخ المجاهد المقدس أبى حفص ، عضد الله بهم الدين ، وأمتع بطول بقائهم المسلمين ، ـ إلى وضع تأليف نستوفى فيه مثله ليتبين بذلك مشكله ، فوضعت فى ذلك جزءا خفيفا ، شرحت فيه تلك المسائل المشكلة ، واستوعبت مثلها المهملة ، فاتضح بذلك استعجامها ، وانفرج انغلاقها واستبهامها ، ورفعتها إلى خضرتهم ، وصل الله دوام عزتهم ، إذ كان العلم نتيجة جلالهم ، وأهله بمكان مكين من بالهم ، وهو سبحانه يبقى حضرتهم منتهى الآمال والأمانى ، وأيامهم المشرقة الزاهرة موسم البشائر والتهانى بمنه وكرمه. أه.