حفظة الأعمال الشاهدين بها في الآخرة (١).
ويرد هذا القول بأمور :
الأول : أنه صرف لظاهر القرآن بدون قرينة تدل على التجوز في تسمية الملائكة رجالاً.
الثاني : لم يجر في القرآن ، والقرآن يفسر بعضه بعضاً ، ولا عند العرب إعتبار الملائكة رجالاً ، ولو بالاشارة.
الثالث : القرآن يتحدث عن واجبات الملائكة يوم القيامة بالتنفيذ وإطاعة الأوامر ، ولم يتحدث عن مثل هذه الصلاحيات المطلقة لهم ، بل هم يفعلون ما يؤمرون.
بقي الاحتمال الأول أنهم الرجال المقربون ذوو المنزلة العظمىٰ جزاءً وفاقاً بما كانوا يعملون ، وهو ما يساعد عليه السياق القرآني في إبانة فضلهم وبيان قيمتهم وقدرهم ذلك اليوم ، وهو أيضاً ما يدل عليه الاعتبار والقبول للروايات الصحيحة المسندة ، وهما معاً ـ السياق القرآني والرواية الصحيحة ـ السبيل إلى فهم القرآن فهماً بعيداً عن التحمل في مثل هذه المقامات.
ففي صحيحة أبي بصير عن الامام جعفر بن محمد الصادق أنه قال في تفسير الآية « نحن أصحاب الاعراف من عرفنا فمآله إلى الجنة ، ومن أنكرنا فمآله إلى النار » (٢).
وعن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال لأمير المؤمنين : « يا علي كأني بك يوم القيامة وبيدك عصا عوسج تسوق قوماً إلى الجنة وآخرين إلى النار » (٣).
ويؤيده ما رواه أبو القاسم الحسكاني عن علي عليهالسلام ، وقد سأله ابن الكوا عن الآية ، فقال أمير المؤمنين : « ويحك يا ابن الكوا نحن نقف يوم القيامة بين الجنة والنار فمن ينصرنا عرفناه بسيماه فأدخلناه الجنة ، ومن أبغضنا عرفناه بسيماه فأدخلناه النار » (٤).
__________________
(١) ظ : الطبرسي ، مجمع البيان : ٢ / ٤٢٣.
(٢) الطباطبائي ، الميزان : ٨ / ١٤٤.
(٣) (٤) الطبرسي ، مجمع البيان : ٢ / ٤٢٣.