البدوي في الشعر الجاهلي ونحو ذلك ، فضلاً عن العناية المركزية بالمأثور ، وما يتعلق فيه من روايات ومقارنات ودراسات وملخصات.
فإذا قارنا بين هذا وذاك وجدنا ، الأثر الروائي والأثر اللغوي ، بكل تشعباتهما ، يشكلان مدرسة الكوفة التفسيرية ، ويمثلان معلماً بارزاً من معالم التفسير ، فإذا ضغطنا العلاقات التراثية بين الأثرين ، اقتضى ذلك كشف الجهد المشترك بين هذين الأصلين من أجل الوصول إلى القاعدة التي ترسو عليها مدرسة الكوفة في تفسير القرآن العظيم.
كان علي بن حمزة الكسائي ( ت : ١٨٩ ه ) شيخ مدرسة الكوفة النحوية دون منازع ، وهو التلميذ الوفي لمؤسس هذه المدرسة أبي جعفر الرؤاسي الكوفي. وكان الرؤاسي معاصراً للخليل بن أحمد الفراهيدي ، وكتابه « الفيصل » في النحو يأخذ عنه سيبويه ( ت : ١٨٠ ه ) فإذا ذكر في الكتاب : الكوفي ، فإنما يعني أبا جعفر الرؤاسي (١).
ولقد إختار الكسائي لنفسه طريقة خاصة في القراءة وعدّ بها من القراء السبعة ، وكان قد أخذ القراءة مذاكرة عن حمزة الزيات ، وسمع من الامام جعفر الصادق (٢).
ولقد أثنى ابن جني ( ت : ٣٩٢ ه ) على دقة الكسائي في النحو وضبطه في العربية (٣).
وللكسائي كتابان في القرآن هما :
كتاب المشتبه في القرآن (٤).
كتاب ما إشتبه من لفظ القرآن ، وتناظر من كلمات الفرقان (٥).
وتجد في منهج الكسائي التأليفي في هذا النمط مزجاً كلياً بين تفسير
__________________
(١) ظ : بروكلمان ، تأريخ الادب العربي : ٢ / ١٩٧ ، و ظ : مصادره.
(٢) ظ : الخوئي ، البيان في تفسير القرآن : ١٥٥.
(٣) ظ : ابن جني ، الخصائص : ١ / ٨٤.
(٤) موجود في : باريس أول ٦٦٥ ، رقم (٤) وهو نفسه كتاب : المشبهات في القرآن.
(٥) ظ : بروكلمان ، تأريخ الأدب العربي : ٢ / ١٩٩.