المفردات اللغوية من حيث اشتقاقها ، بل يرتب المفردات على حروف المعجم (١).
بعد هذا العرض الموجز لمصاقبه مدرسة النحو واللغة والاعراب ، لمدرسة التفسير القرآني في الكوفة ، وسير الأولى بركاب الثانية ، وإستناد الثانية على حصيلة الأولى ، نستطيع أن نقطع حازمين أن إرساء قواعد هذه المدرسة يعود إلى سببين :
الأول : الأثر التدويني فيما أثر من روايات وأحاديث تفسيرية للقرآن أو لبعض القرآن في القرن الأول والثاني من الهجرة ، في جهود طبقة الرواة الثقات ، وطبقة المؤلفين الروّاد.
الثاني : الأثر اللغوي المستند في أغلبه إلى آراء شيوخ مدرسة الكوفة : ابتداء من أبي جعفر الرؤاسي مؤسس هذه المدرسة ، ومروراً بنفحات الكسائي ومؤلفاته وقراءته ، ووقوفاً عند جهود الفراء المشتركة بين القرآن واللغة ، لا سيما في : « معاني القرآن » ، واستئناساً بما أداه ثعلب في : ( معاني القرآن ) من إستشراف أستاذه الفراء فيه ، وما أبداه ابن الانباري من نضج لغوي في إطار قرآني بالوقف والابتداء ، وما أورده أبو بكر السجستاني من شذرات لغوية مرتّبة ترتيباً عصرياً مزج فيها مفردات القرآن باللغة ، وفقه اللغة.
وهذا العرض تقريبي وزمني بوقت واحد ، وقد لا يكشف عن تمام العمق الدلالي للمدرسة الكوفية المقارنة بهذا الملحظ ، ولكنه يكشف عن أصالة الجهود المتميزة على سبيل الانموذج الاصلح ، كما يحيط المتتبع علماً بأن الأصل الموضوعي لمدرسة النحو واللغة الصرف في الكوفة ما هو إلا خدمة القرآن العظيم ليس غير ، حتى أن من أعطى جهداً لغوياً خالصاً ، أو تراثياً محضياً لا يمزج معه ألقاً من القرآن ، قد يعمد بإزائه إلى ابتكار طريقة مثلى لخدمة القرآن بشكل يتصوره ويخطط له فينفذه.
ولعل من طريف ما ذكره ابن النديم ( ت : ٣٨٠ ه ) في هذا المدرك :
__________________
(١) ظ : بروكلمان ، تاريخ الأدب العربي : ٢ / ٢١٧.