الإصبهاني فسمّيت المدينة به وعرض أساس سورها ستّون لبنة وألزق بأساسه الفرهيز بالشيفتق وقيل إنّ المدينة كانت مبنيّة قبل أيّام مملكة جم فخربها فراسياب فيما خرب من سائر المدن بإيران شهر (١) وأعاد أساسها خماني جهرازاد بنت بهمن بن إسفنديار الملكة قبل مجيء الإسكندر فماتت خماني من بناء السور على النصف وورد الإسكندر فتركها على حالها فبقيت على حالتها إلى أيّام فيروز (٢) بن يزدجرد فتقدّم إلى آذرسابور بن آذرمانان من قرية هراسنان من رستاق مابرين بإتمام بناء سور مدينة جيّ وذلك قبل الإسلام بمائة وسبعين سنة فأتمّ بناءها آذرسابور وركّب فيه الشّرف وهيّأ مواقف المقاتلة على أعلاه وعلّق أربعة أبواب في أربعة مواضع من السور في أربعة أيّام في كلّ يوم بابا علّق الباب الذي وجهه إلى ميدان السوق في روز خور فسمّاه باب خور وتفسير خور الشّمس وعلّق من غده ماه بر في روز ماه وماه عندهم القمر وهو الذي يسمّى باب إسفيس ثمّ علّق من غده الباب الثالث وسمّاه تبريز ومعناه باب عطارد وهو المسمّى باب تيره وعلّق من غده الباب الرابع وسمّاه كوش بر وهو المسمّى باب اليهوديّة. ومن الهندسة في تعليق هذه الأبواب أنّ الشمس إذا حلّت أوّل درجة من الجدي تطلع في باب خور وتغرب في باب اليهوديّة وإذا حلت الشمس أوّل درجة من السّرطان طلعت في باب إسفيس وتغرب في باب تيره. وكان بالمدينة رجل من الزّبيريّة يقال له محمّد بن محمود فقلع باب خور وفتح بابا آخر من سورها وسمّي الباب الجديد وردّ مكانه باب خشيبا. على مصراع واحد. وذكر بعض المتقدّمين أنّه قرأ على بعض أبوابها مكتوبا يقول أشتاذويه الموكّل بالقياسين والبنّائين إنّه ارتفع في ثمن أدم العملة لسور هذه المدينة ستّمائة ألف درهم. وذكر عن بعضهم أنّ الموكّل رفعت عليه رفيعة فحوسب فحصل عليه خمسون ألف دينار فصرّفت إلى نفقة الفرهيز الملزق بأساس السور. ولم تكن المدينة مسكونة إنّما كانت حصنا لأهل قرى رستاق
__________________
شهرستان وعند المحدثين المدينة وقد نسب إليها المديني عالم من أهل أصبهان وهي على شاطىء نهر زندروذ (أنظر معجم البلدان : ٢ / ٢٠٢).
(١) إيران شهر : هي بلاد العراق وفارس والجبال وخراسان يجمعها كلها هذا الإسم. وقد قيل في إسمها تعريفات كثيرة أنظرها في معجم البلدان (١ / ٢٨٩).
(٢) فيروز بن يزدجرد : كان ملك أظهر العدل وحسن السيرة وكان يتدين إلا أنه محدود مشؤوم على رعيته وقحطت البلاد في زمانه سبع سنين وغارت الأنهار والقنى وقل ماء دجلة قصة أنظرها في الكامل في التاريخ (١ / ٣١٢ : ٣١٤).