حتّى تكسح أرض الخندق. وبهذه القرية صحراء تسمّى فاس مساحتها فرسخ في فرسخ فيها أعجوبة أخرى وهي أنّ مواشي هذه القرية ترعى فيها فتختلط السباع بها مقبلة من البثر فلا تتعرّض لشيء منها وهذه هي بين هذه الرمال ومزدرع القرية فيها ويدّعي أهل القرية ويشهد لهم بصدق دعواهم أهل القرى المجاورة لها أنّ ديكا استوحش في قريتهم مذ سنّيات فبقي بهذه الصحراء أربع سنين لم يتعرّض له شيء من الثعالب والسباع ويدّعى أهلها أنّ هذه الصحراء مطلسمة.
وذكر أيضا صاحب إصبهان أنّ بقاسان من ناحية أردهار على عشرة فراسخ من أبرون قرية تسمّى قالهر فيها جبل جانب منه يرشح الماء رشحا كرشح البدن للعرق لا يسيل منه شيء ولا يسقط إلى القرار ويجتمع كلّ سنة أهل الرساتيق من تلك النواحي في (ماه تير روز تير) (١) مع كلّ واحد منهم آنية فيدنو الواحد بعد الواحد من ذلك الجبل الندىّ ويقرعه بفهر في يده ويقول بالفارسيّة يا بيد دخت أسقني من مائك فإنّي أريده لمعالجة علّة كيت وكيت فيجتمع الرشح من المواضع المتفرّقة إلى مكان واحد فيسيل قطرا في آنية المستسقي وكذلك الذي إلى جنبه ومن هو بالبعيد منه فتمتلىء تلك الأواني فيستشفون بذلك الماء لطول سنتهم فيشفون.
وبقرية أبرون من قاسان قناة تسمّى إسفذاب منها شرب أهل أبرون وصحاريها والقرى التي حولها ومغيضها بقرية فين (٢) فمن خواصّ هذه القناة أن المتلّقي فيها لمائها يمكنه المسير فيها إلى أن يبلغ منها إلى مكان معروف عند أهل الناحية فإن رام تجاوز ذلك المكان عجز عنها لانبهار ونفس يعتريه فإن لم يرجع القهقرى خرّ صريعا ولم ينفق عليها في عمارتها قطّ درهم ولا دخلها منذ كانت قنّاء فإن انهار فيها من جوانبها شيء قلّ أم كثر زاد ماؤها وأمر عمرو بن الليث مورده إصبهان بطمّها وجمع عليها أهل الرساتيق لكبسها أيّاما فكان الماء يزداد ويعلو على الكبس حتّى رجعوا عاجزين عنها.
وبقرية قهروذ من رستاق قاسان نبت ينبسط على وجه الأرض فيصير زجاجا
__________________
(١) عبارة فارسية معناها إذا كان اليوم الرابع من الشهر الرابع.
(٢) فين : من قرى قاشان من نواحي أصبهان. أنظر معجم البلدان (٤ / ٢٨٦).