ذكر النوشجان عن عمّه يعقوب النصراني
كاتب أحمد بن عبد العزيز
أنّ فيروز بن يزدجرد كتب إلى بعض ملوك الروم يستهديه كبيرا من حكمائهم وحاذقا من أطبّائهم فاختار من بلدان مملكته رجلا فلمّا وفد على فيروز قال له أيّها الحكيم أنهضناك إلى أرضنا لتختار من بلدان مملكتنا لنا بلدا تصحّ به هذه الأركان الأربعة الكبار التي بسلامتها يطول بقاء الحيوان وباعتدالها تصحب الأجسام الصحّة وتزايلها العلّة يعني بالأركان الأرض والماء والهواء والنار فقال أيّها الملك وكيف أدرك ذلك قال استقر بلدان مملكتنا فما وقع اختيارك عليه فاكتب إليّ منه لأتقدّم بالزيادة فيه وأتّخذه دار مملكتي وأتحوّل إليه فانتدب الروميّ طائفا في بلدان مملكته ووقع اختياره على إصبهان فأقام بها وكتب إليه إنّي طفت في مملكتك فانتهيت إلى بلد لا يشوب شيئا من أركانه فساد وقد نزلت أنا منه فيما بين حصني قرية يوان فإن رأى الملك أن يقطعني ما بين الحصنين من أرض يوان ويطلق لي بناء كنيسة ودار فأطلق له مسئلته فبنى داره بإزاء الحصنين ووقعت رقعتها في الموضع الذي فيه دار النّوشجان وإسحاق من يوان إلى الساعة وبنى البيعة بإزاء الحصن الآخر. وعنى بالحصن الآخر موضع رقعة مسجد الجامع اليوم إذ كان حينئذ حصنان من حصون قرية يوان ووقعت رقعة البيعة عند المسجد الذي على طرف ميدان سليمان وبناؤه باق إلى الساعة. وتقدّم الملك فيروز إلى أردسابور بن آذرمانان الإصبهاني من فوره ذلك بإتمام بناء سورة مدينة جيّ وتعليق أبوابها فعزم فيروز على التحوّل من العراق إلى إصبهان ثمّ انتفض عزمه بخروجه إلى أرض الهياطلة وهلاكه هناك. ثمّ ولي الأمر قباذ (١) بن فيروز فلمّا
__________________
(١) أنظر قصة قباذ بن فيروز في الكامل في التاريخ لابن الأثير (١ / ٣١٧).