وعالم إلّا والتقى به وأخذ عنه ، فضلا عن أن ثمة علوما لم يجد بين البغداديين في أيامه ، من تخصص بها أصلا ، وهكذا فقد استجمع أمره على الرحلة إلى الموصل لمواصلة دراسته على علمائها ، كان عمره إذ ذاك قد تجاوز الثالثة والعشرين.
وفي سنة ١١٢٧ ه / ١٧١٦ م سافر عبد الله إلى مدينة الموصل بهدف «تحصيل علم الحكمة والهيئة» ، ولكنه ، ما إن وصلها ، والتقى بشيوخها ، حتى أخذ بإكمال سائر ما درسه من علوم أخرى وهو في بغداد ، مثل النحو وعلوم العربية ، والعلوم الشرعية والعقلية ، كما درس الهيئة (الفلك) وتلقى الحديث الشريف على المشايخ ، وقراءة القرآن وتجويده. ولم تكن أحوال الشيخ في الموصل بأفضل مما كانت عليه في بغداد ، فقد داهمه الجوع والبرد ، وألفه الفقر ، ولم يكن له في الموصل من معين ، والظاهر لنا أنه كان يتقوت من مخصصات بعض المدارس هناك ، وربما أقام فيها ، يقول واصفا تلك المرحلة من حياته «والحاصل أني نلت في طلب العلم نهاية التعب وغاية النصب مع عدم المساعدة والمعين والناصر والظهير حتى حصلت على أكثر الفنون من سائر العلوم» (١) وقد استغرقت إقامته في الموصل ثلاثة عشر شهرا ، فتكون عودته إلى بغداد بين عامي ١١٢٨ و ١١٢٩ ه / ١٧١٧ ـ ١٧١٨ م.
استقراره الاجتماعي :
عاد عبد الله إلى بغداد وقد حصل من العلم ما لم ينله غيره من معاصريه ، فطار صيته ، واشتهر أمره ، ونال في هذه المرحلة من حياته لقبه الشهير (السويدي) الذي سيعرف به ، وأولاده من بعده ، أجيالا عديدة. وسبب تلقبه به ، هو أن زميلا له في الدرس ، يدعى الشيخ حسين بن عمر الراوي سافر ذات مرة إلى (راوة) بقصد زيارة أهله ، فأخذ يراسل عبد الله من هناك على العنوان الآتي «يصل الكتاب إلى الملا عبد الله ابن أخت الملا أحمد بن سويد» ، ثم اختصر ذلك ، في ما بعد ، إلى (السويدي) فعرف به. وكانت أسرته تعرف قبلها بأولاد
__________________
(١) النفحة المسكية الورقة (٦)