التفضل عليه ولا مساغ ، سيدنا الشيخ علي الدباغ (١) الموقّت في الجامع الكبير ، له فنون غير قليلة ، واطّلاعات جزيلة ، ما رأيت أقوى (٢) حافظة منه ولا سعة اطّلاع. طلب حفظه (٧٩ أ) الله مني الإجازة فأجزته ، واستجزت منه لي ولأولادي المتقدمين ، فأجازني وأجازهم ، وله ـ حفظه الله ـ تآليف تنوف على خمسين (٣) مؤلفا ، أطال الله بقاءه ، وأسبغ عليه آلاءه آمين.
وممّن أضافنا في بيته الشيخ العالم الصوفي ، والحبر البحر الوفي ، سيدنا الشيخ محمد بن العالم الصالح الصوفي الشيخ صالح المواهبي (٤) ، له ـ حفظه الله ـ في العلوم باع طويل ، وفي التصوف ذهن غير كليل ، هو الآن شيخ الحلوية (٥) يصنع فيها ذكرا بعد صلاة الجمعة ، وله وعظ في الجامع الكبير ، يأتي بالمواعظ التي تخلب القلوب ، وتكشف أستار الغيوب ، بألفاظ فصيحة وتقريرات رجيحة. وله تدريس في الحديث في الجامع الكبير ، يدرس في الجامع الصغير (٦) بتأنّ وتؤدة وإمهال من غير هذرمة ولا دمدمة ولا استعجال ، نفعنا الله بصالح دعواته ، وأفاض علينا وافر بركاته آمين.
وقرأ علي الشيخ محمد العقاد شرح الوضعية ، وشرح رسالة آداب البحث ، وأضافني في بيته ومعنا الشيخ طه الجبريني ، والسيد يونس الأدهمي ، وأتانا بقصاص قص لنا من بعض سيرة الظاهر بيبرس ، فما رأيت (٧٩ ب) أحفظ من هذا القصاص ، [فإنه](٧) أدرج في أثناء
__________________
(١) تقدم التعريف به.
(٢) في ب (أقوى اطّلاعات منه ولا حافظة).
(٣) في ب (الخمسين).
(٤) هو محمد بن صالح بن رجب المعروف بالمواهبي الحنفي الحلبي القادري ، ولد بحلب ، وتفقه على والده ، وأخذ العلم على علماء مدينته ، وحج ، وكان صوفيا أخذ الطريقة عنه كثيرون ، وتوفي سنة ١١٨٧ ه / ١٧٧٣ م (سلك الدرر ج ٤ ص ٥٠).
(٥) مدرسة في حلب ، سيأتي التعريف بها فيما يلي من هذه الرحلة.
(٦) يريد الجامع الصغير في الحديث للإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري المتوفي سنة ٢٥٦ ه.
(٧) زيادة يقتضيها السياق.