ذلك استعارة تبعية بأن شبه الطلب بالاشتراء لعلاقة أن كلا منهما بعوض وبدل ، ثم اشتق من الاشتراء اشترى ، والله اعلم.
ومما وقع السؤال عنه في الطريق ، قوله تعالى (وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً)(١) وصورة السؤال أن من لا تطلق إلا على العقلاء ، وهي هنا شاملة لجميع الحيوانات عاقلة وغيرها. وجوابه : أن ذلك إما خاص بالعقلاء ، وغيرهم مقيس عليهم ، أو أنه غلب العاقل على غيره ، أو نزل غير العاقل (٢) منزلة العاقل (١٦٨ أ) ، كما في قول الشاعر :
أسراب القطا هل من يعير جناحه |
|
لعلي إلى من قد هويت أطير |
ثم استطرد في الكلام إلى أن وقع السؤال عن ما وإنها لغير العاقل ، فكيف أطلقت على النساء في قوله تعالى (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ)(٣) الآية؟ فما الجواب عن من يقول بأن ما مختصة بغير العاقل؟ وجوابه : إن النساء لما كنّ تحت طاعة الأزواج أشبهن الملك فأطلق عليهن ما تنزيلهن منزلة ما لا يعقل.
ومما وقع السؤال عنه في الطريق ، كيف التوفيق بين قول ملك الرحم الموكل به : يا رب ذكر أم أنثى ، شقي أم سعيد؟ فما الرزق وما الأجل ، وبين قوله تعالى (إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ)(٤) الآية ، فظاهر حديث الملك إنه يعلم كونه ذكرا أو أنثى ، والآية تدل على أن هذه الخمس لا يعلمهن إلا الله كما صرح في الحديث ، فإن قلتم : إنّ الملك يعلم ذلك بتعليم الله تعالى ، قلنا : إذا لا فرق بين هذه الخمس وبين غيرها. والجواب : نعم لا فرق بين هذه الخمس وبين غيرها من المغيبات [في] أنها تعلم بتعليم الله تعالى ، لكن إنما خصت ردا على الملوك السالفة فإنهم كانوا يكثرون من السؤال عن هذه الخمس (١٦٨ ب) زاعمين أن أحبارهم يعلمون ذلك فردّ الله عليهم ، بأن هذه الخمس لا يعلمها إلا الله ، ومن علمها فإنما هو بتعليمه.
__________________
(١) آل عمران من الآية ٩٧.
(٢) كذا في النسختين ، والاصح قوله : غير العاقل.
(٣) النساء من الآية ٣.
(٤) لقمان من الآية ٣٤.