نوعا من الشجيرات رآه عند نزوله بعض قرى دجيل إلى الشمال من بغداد» وكان نزولنا عند شجيرات جذوعها كجذوع السّدر وأوراقها وأغصانها كالرمان ، ولها ورد أصفر كصورة الجلنار ، (١) إلّا أنه يخالفه في اللون ، وفي أسفل كل وردة نقطة تشبه العسل لونا وطعما ، ولها دبق كدبق العسل ، ولقد ذقتها فوجدت طعم العسل فيها ، إلا أن النقطة إذا قرب جفافها يصير فيها شائبة مرارة ، وأهل تلك الأرض يسمونها بشجيرات العسل على صيغة التصغير». ووصفه شجرة الغزوح وما تتركه من أثر مخدر لدى آكليها ، وهي «قضبان دقاق خضر لها ورد أصفر صغير أشبه شيء بالشيح».
ونحن نجد السويدي شديد الاهتمام بما مر من نبات وزرع لا يفتأ أن يسجّل لقرائه أخبار ذلك ، فسرمين ، وهي قرية قريبة من حلب «يحيط بجوانبها أشجار الزيتون» والطريق إليها مزدان بأشجار السنديان والبطم ، بل يصل به اهتمامه إلى حد إحصاء عدد النخيل فيما يمر به من نواح ، فيذكر أن ناحية العلى ، من نواحي وادي القرى «فيها حدائق من النخيل نحو عشرة آلاف نخلة ، وتمرها جيد ، وفيها الليمون الحلو الكبار» ، وتثير اهتمامه العلمي كثرة المزروعات في بساتين حلب مع قلة مصادر المياه فيها ، فيقول «ورأيت كرومها وأشجار التين والزيتون والفستق واللوز تعيش بلا ماء ، وكذلك البطيخ الأخضر والأصفر ، ورأيتهم يبذرون في ترابها وهو جاف غاية الجفاف فينبت وما ذاك إلا لطيب تربتها».
وبالمقابل ، فإنه لم يفته أن يسجل ما كان عليه كثير من المناطق التي مر بها من جدب أو قلة زرع ، فالبلاليق «جبلها لا شجر فيه» ، والبلقاء «أرضها خالية عن النبت والشجر» ، والقاع «عبارة عن بر أفيح لا ماء فيه» ، وهكذا فإنه قدّم من الملاحظات الكثير مما يفيد الباحث في دراسة جانب من الحياة الاقتصادية للمدن والقرى العربية في القرن الثاني عشر الهجري (١٨ م).
__________________
(١) هو زهر الرمان.