لأبناء السبيل فيه جامع يخطب فيه ، وفيه بركة ماء كبيرة ، وخارج القرية بركة أكثر من عشر في عشر» ، ووصف قرية النبك بأن في «ظاهرها خانا لأبناء السبيل ، وفي داخله خانات للشتاء وفيه جامع خطبة» ، وذكر أن لقرية قارة «جامع خطبة» وأنّ لقرية قطيفة خانا كبيرا واسعا» مما دل على النمو الذي أصابته بعض القرى في ذلك العصر ، بسبب موقعها من الطرق التجارية ، بل إن كثيرا من القلاع التي رآها ، ووصفها ، كانت مهمتها حماية تلك الطرق والإشراف على حركة النقل ، فيها ، وقد بدأت بالتحول إلى قرى يسكنها المعنيون بتقديم الخدمات إلى القوافل في عهده نفسه ، فقد لاحظ هو أن بعض القلاع قد نمت بقربها بيوت.
ب ـ وصفه للمدن القديمة :
اهتم السويدي ، فيما اهتم به في رحلته ، بوصف الآثار الشاخصة أو الدارسة من العصور التالدة ، من تلال أثرية ، وبقايا قصور وقلاع ومدن دائرة. وفي الواقع فإن مجرد أن تسترعي هذه الآثار اهتمامه يدل على تحسسه البارع لتاريخية المواضع التي كان يجوس خلالها في أثناء رحلته تلك ، وهو ما يجعله يقف ضمن أوائل المثقفين العراقيين الذين نالت آثار بلادهم المادية جانبا من اهتماماتهم العلمية ، في عصر انحصرت فيه معظم تلك الاهتمامات ، لدى علماء آخرين ، بالترجمة للأحياء وتسجيل ما أخذوه عنهم من إجازات ، وما رووه عنهم من روايات وأخبار. قال واصفا تل كوش الأثري ، إلى الشمال من بغداد بأنه «تل صغير مستطيل أحمر على كتف دجلة الغربي» وحاول ، في أثناء مروره ببقايا قصر العاشق الأثري ، في ضواحي سامراء القديمة ، أن يقدّم تفسيرا لوجود تسميتين مختلفتين لهذا القصر في عهده ، إحداهما العاشق والأخرى المعشوق ، وكان الناس ، في أيامه ، قد نسجوا قصصا متنوعة حول هاتين التسميتين ، فقال هو ناقلا من القاموس المحيط : إن المعشوق قصر بسر من رأى ، ولكنه استدرك بقوله : فلعله غيره ، لأن العاشق في الجانب الغربي من دجلة ، وسر من رأى في الجانب الشرقي ، فلعل هذا البناء يسمى بالعاشق ، والقصر الذي يسمى بالمعشوق .. والعاشق هذا بناء قديم لم يبق منه إلا أثر الجدران مبني